لا نحتاج إلى الكثير من التأمل لندرك حقيقة النمط الاستهلاكي المترف الذي سيطر على حياتنا وتغلغل بين طبقات مجتمعنا في السنوات الأخيرة , ولم تعد مظاهر البذخ والإسراف حكرا على عِلية القوم أو الأسر الثرية فحتى البسطاء أصبحوا يتنافسون في اقتناء السلع الغالية ويتسابقون لشراء كل ما تروج له الإعلانات والدعايات, وبلغ الحال ببعضهم حد الاقتراض من البنوك وتحمل ديون تثقل كاهله لسنوات , فقط لأجل السفر لعدة أسابيع, يعود بعدها ملوما محسورا يئن تحت وطأة الهموم.
لقد أصبح الحصول على كل جديد في عالم الهواتف وإقامة الحفلات لأبسط سبب وتغيير أثاث المنزل بشكل دوري فرضا واجبا على المستطيع والعاجز .
وبكل أسف تحولت هذه النزعة الاستهلاكية إلى طوفان حقيقي أغرق المجتمع وغيّر أولوياته ولوث قناعاته . والمؤلم أنها تزامنت مع شحٍ في الوظائف وتدنٍ بالأجور وازدياد معدلات البطالة وارتفاع أسعار السلع .
و كان هذا الهوس المادي على حساب أمور هي أجدر بالاهتمام والتنمية اجتماعيا وتربويا واقتصاديا . فنشأ في ظل هذا الفكر جيلٌ يرى الحياة تسوّق وسفر وماركات عالمية ومناسبات اجتماعية ويجهل أبسط أساليب التدبير والاقتصاد والتوفير .
والآن… إلى متى سنظل نتجاهل هذا الخلل وإلى أين سنصل ؟
علينا أن نستشعر حجم المشكلة وأن نقف مع أنفسنا وأجيالنا وقفة مسؤولة , وأن ننمي فيهم الفكر الواعي والإحساس بالمسؤولية والحرص على الموارد والبعد عن المظاهر التافهة
وأن نستلهم الرشد والخير من هدي كتاب الله وتوجيهات نبينا صلى الله عليه وسلم في البعد عن كل صور الإسراف ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ).آية 31 سورة الأعراف
بدرية الصبحي
مقالات سابقة للكاتب