انطلقت، اليوم الثلاثاء، في العاصمة الرياض، فعاليات مبادرة “مستقبل الاستثمار” بمشاركة واسعة من الخبراء والرياديين عبر العالم في مجالات الذكاء الصناعي والتحول الرقمي، في وقت شهدت فيه البيئة الاستثمارية السعودية إصلاحات جاذبة للاستثمار الأجنبي، دلل عليها حضور شركات عالمية كبرى والعديد من الشخصيات الاقتصادية العالمية الهامة.
وتركز المبادرة على ثلاثة محاور رئيسية؛ أولها: الاستثمار في التحول- ما هي الآليات التي تساهم من خلالها الاستثمارات في خلق مدن جديدة وإحداث تحولات في الاقتصادات؟ والمحور الثاني: التقنية كمصدر للفرص وكيف يمكن للتقنية أن تكون عامل تمكين وإسهام في إيجاد فرص اقتصادية جديدة من خلال التخصيص والتصنيع على نطاق واسع.
ويتمثل المحور الثالث في تطوير القدرات البشرية: كيف يمكن بناء عالم يتعاون فيه البشر والآلات معاً؛ بهدف تحسين نوعية الحياة وزيادة معدلات الأمان والإنتاجية والسعادة.
ويأتي العمل على تنظيم المبادرة انسجاماً مع رؤية المملكة 2030، وهي الرؤية الرائدة التي بدأ تأثيرها ينعكس إيجاباً على المملكة؛ لتصبح نموذجاً يحتذى في النجاح والريادة على مختلف الأصعدة؛ وذلك عبر الاستفادة من الفرص الاستثمارية الضخمة التي تمتلكها، إضافة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي؛ وذلك سعياً منها لتصبح مركزاً للاستثمار العالمي الذي يربط بين قارات العالم الثلاث.
حيث رسمت السعودية بتوجيهات قيادتها خارطة طريق نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة ومتكاملة، واختطت لها مساراً نهضوياً طموحاً تَمَثّل في المشروع الوطني “رؤية المملكة 2030″، وقد تم إطلاق مبادرة “مستقبل الاستثمار” لتمثل منصة أساسية لتشجيع التواصل العالمي بين المستثمرين والمبتكرين والحكومات، إضافة إلى قادة القطاعات الاقتصادية، وبهدف تعزيز علاقات التعاون الدولي؛ حيث تم إقامة علاقات شراكة جديدة سيكون لها دور كبير في إحداث نقلة نوعية على صعيد العديد من القطاعات محلياً وعالمياً.
ويعد تعزيز مستويات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتخفيف حجم القيود المفروضة على رؤوس الأموال الأجنبية، وزيادة حجم المزايا التنافسية في كثير من القطاعات الحيوية، وتطوير الفرص الاستثمارية، وإطلاق صناديق رأس المال الجريء، وزيادة كفاءة تقديم الخدمات المساندة؛ من أبرز المزايا التنافسية الجديدة التي ستسهم بشكل ملحوظ في زيادة حجم الاستثمارات النوعية التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وعززت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” بتقريرها مكانة الاقتصاد السعودي، والتأكيد على قوته في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2018؛ مؤكدة اتباع المملكة سياسات تشريعية استهدفت تيسير الاستثمار، وتبسيط منح التراخيص للمستثمرين الأجانب، وتخفيض عدد الوثائق المطلوبة للحصول على تراخيص جديدة.
وتعكس الرؤية الحالية للاقتصاد السعودي حالة حراك واعدة، أكدتها النظرة الإيجابية للمؤسسات الاقتصادية الدولية؛ ففي نهاية الأسبوع الماضي أشار تقرير التنافسية العالمي (GCR) للعام 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، إلىتحقيق أفضل تقدم في تقرير التنافسية العالمي منذ 6 أعوام، في دلالة واضحة على نجاح الحكومة في توطين رؤوس أموال عالمية واستجابة القطاع الخاص السعودي للتوسع في الاستثمار ومواجهة أي معوقات تقف أمام ذلك.
ودفعت رؤية السعودية 2030 الاقتصاد الوطني إلى استثمار عناصر القوة التي يمتلكها، عبر خلق فرص جديدة، من شأنها تنويع الاقتصاد، وتحفيز الاستثمار، وهي الرؤية الوطنية الطموحة التي باتت تعيد بشكل إيجابي هيكلة الاقتصاد عبر حزمة من الإجراءات النوعية.
السعودية، التي تعتبر واحدة من أقوى 20 اقتصاداً حول العالم، لعبت خلال السنوات الماضية، دوراً مهماً على صعيد أسواق الطاقة؛ حيث تعتبر المملكة واحدة من أكثر دول العالم التي تحقق التوازن في أسواق النفط عبر توفير الإمدادات؛ الأمر الذي أسهم في تحفيز الاقتصاد العالمي نحو المزيد من عمليات الإنتاج والتصنيع.
ويشهد الاقتصاد السعودي خلال العام الحالي 2018، أعلى ميزانية إنفاق في تاريخ البلاد، وهي الميزانية التي يبلغ حجمها أكثر من تريليون ريال (266.6 مليار دولار)، وأوضحت المؤشرات المالية لأداء الميزانية العامة للسعودية للنصف الأول من العام الحالي 2018، بلوغَ إجمالي الإيرادات نحو 439.8 مليار ريال (117.2 مليار دولار)، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 43% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي. ووفقاً للأرقام المعلنة، بلغ إجمالي مصروفات النصف الأول 481.5 مليار ريال (128.4 مليار دولار)، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 26% على أساس سنوي؛ فيما بلغت نسبة المنصرف الفعلي بنهاية النصف الأول نحو 49% من إجمالي الميزانية المقدرة خلال العام.
وتأتي هذه الأرقام، في الوقت الذي حقق فيه الاقتصاد السعودي، الأكبر في الشرق الأوسط، نمواً إيجابياً في الربع الأول من العام الحالي، في ترجمة فعلية لجدوى الإصلاحات الاقتصادية التي تعمل على تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط.
ووفقاً للهيئة العامة للإحصاء؛ فإن الناتج المحلي للقطاع غير النفطي في السعودية حقق معدلات نمو أكثر إيجابية خلال الربع الأول من العام الحالي؛ وهو النمو الذي بلغ حجمه 1.6%؛ في حين بلغ معدل نمو للقطاع غير النفطي الحكومي نحو 2.7% خلال الفترة نفسها.
وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء، أن الناتج المحلي الإجمالي السعودي ارتفع بنسبة 1.2% بنهاية الربع الأول من العام الحالي؛ لتصل قيمته بالأسعار الثابتة إلى 647.8 مليار ريال (172.7 مليار دولار)، مقارنة بـ640.4 مليار ريال (170.7 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من عام 2017.
وفي هذا الشأن، برهنت الأرقام الحديثة الصادرة في التقرير السنوي الـ54 لمؤسسة النقد العربي السعودي، على حجم القوة التي يتمتع بها القطاع المالي في البلاد؛ حيث تكشف الأرقام عن نمو رأسمال واحتياطيات المصارف المحلية بنسبة 6.3% خلال 2017.
وأعطى التقرير السنوي الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي، مؤشرات مهمة تتعلق بالتطورات النقدية والمصرفية وميزان المدفوعات، هذا بالإضافة إلى آخر تطورات القطاع الخارجي والمالية العامة والقطاعات النفطية وغير النفطية؛ بما في ذلك تطورات أنشطة التأمين والتمويل والسوق المالية.
وبحسب التقرير ذاته، شَهِد الاقتصاد السعودي عدداً من المؤشرات الإيجابية؛ من أبرزها: تسجيل الناتج المحلي للقطاع غير النفطي نمواً إيجابياً نسبته 1.05%، وتحقيق الحساب الحالي فائضاً بنحو 57.1 مليار ريال (15.2 مليار دولار) خلال عام 2017.