لغتنا العربية هويتنا العالمية

لـو لـم تكن أم اللغات هــي المنى لكسرت أقلامي وعـفـت مـــدادي
لغة إذا وقعت على اسماعنــــــــا
كانت لنا برداً علــــى الأكبــــاد
ستظــل رابطــــة تؤلف بيـنـنــا
فـهـي الـرجـاء لـنـاطــق بالضــــاد

نعم إنها أم اللغات بل هي تبر من تلك البنات وكفى شرفا نزول أيات القرآن الكريم بلسانها فأصبحت خالدة بخلود الكتاب الذي أصبحت له لغة تسامى حبها في القلوب منذ الصغر وفاق وصفها وصف جمال القمر وسعت كتاب الله لفظا وغاية فمازالت للناطق بها رابطة وهوية .

لغة تغنى بها الكثير من الشعراء و أهل الأدب فأشادوا ببلاغتها وشرفها وقداستها وجعلوا القرآن الكريم والشعر العربي شاهدهم الذي يسعفهم في هذه الإشادة :
هـل السراة كمن هـبوا لـهـا صبحا
و العاديـاتُ بذاك المُلـتقى ضَبْحـا
فالليل أغطشَ حتى كاد ينكرهم
و الفجرُ أَوْحى بطرْف النُّور ما أوحْى

ونحن نعيش هذا اليوم مناسبة اليوم العالمي للغة العربية الثامن عشر من شهر ديسمبر التاريخ الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن اللغات الرسمية ولغة العمل في الأمم المتحدة من الجميل أن نتذكر خصائص هذه اللغة الغالية على قلوبنا و التي اشتملت على ستة عشر ألف جذر لغوي فجاءت غنية في اشتقاق المعاني وتوليد الألفاظ بعضها من بعض، ولا يتسنَّى ذلك إلا من الألفاظ التي بينها أصل واحد ترجع وتتولد منه؛ فهو في الألفاظ أشبهُ ما يكون بالرابطة النسبية بين الناس.

فعلى سبيل المثال نـجد كلمة Tall باللغة الانـجليزي جاءت بمعنى طويل بينما جاءت في اللغة العربية على لفظ طول ولم يتوقف العرب عند هذه المفردة بل اشتقوا لها مجموعة من المفردات فقالوا طال وطول و طويل ومستطيل وطائل .

ومن خصائص اللغة تعدد المعاني فعلى سبيل المثال عندما نتأمل كلمات نحو جن والجنون والجنين والجن والجنان تشابهت الكلمات كتابة واختلفت نطقا ومعنى ولكن يجمعها جذر واحد هو الغيبوبة والخفاء فجن عليه الليل أي ستره الليل والجنون يستر العقل والجنين مستور في بطن أمه والجن أنهم مسترون لا يرون والجنان أي القلب لآنه لا يرى بينما إذا تأملنا كلمات البر والبر والبر كلمات اتفقت على رسم واحد وجذر واحد هو السعة بينما اختلفت معنى فالبر الواسع إحسانا وعطاء بينما البر هو السعة في الفضاء الواسع والبر هو القمح الذي يتوسع الناس في استخدامه .

وفي سياق أخر تقسم الحروف إلى قسمين حروف مباني وهي حروف الهجاء التي تبنى منها الكلمات وحروف المعاني وهي حروف الجر فالباء من حروف الجر ولكنه يأتي بأكثر من معنى منها السببية كقوله تعالى : { فكلا أخذنا بذنبه } والاستعانة كقولك : كتبت بالقلم و الظرفية المكانية كقولك : ولد محمد عليه الصلاة والسلام بمكة والقسم كقولك : أقسم بالله أنك صادق والعديد من المعاني الأخرى :
قل لي بربك : هل صادفتَ بستانـا
يـحـوي مـن الأُكُـل الفـيّـاض ألوانـا
فيه الفواكـه مما طـاب مغـرِسُهـا
أو الـثـمــارُ تــدلّــى فـيـه أفنـانـا
لله درُّ لـســان الــضــاد مــنـزلــة
فـيهـا الهـدى والندى والعلم ماكانا

الجميع في مثل هذا اليوم العالمي يؤكدون ويدعون إلى الاهتمام باللغة العربية ومن خلال ناطقيها تؤكد اللغة العربية أنها مصدر للحكمة اليومية يتوارثها الأجيال ويتمثلون بها فعلموا أولادكم الفصاحة تغنموا

لغتي سلمت وصانك الرحمن
كالشمس أنت ونورك القرآن
يا بنت عدنان التي بجمالها
نال الكرامة والعلا عدنان
رمز العروبة أنت ، والدين الذي
عرف الطريق بهديه الإنسان
وعلى حروفك أبصر الناس الهدى
وتنورت بسطورك الأكوان .

 

عبدالرحيم نافع الصبحي
رئيس اللجنة الثقافية بمحافظة خليص

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *