من وَحي الطبيعة

 

تَفَكَّهَ ناظري والطَّرفُ جالا
تباركَ ربُّنا المُعطي تعالى

رأيتُ الأرضَ بالأمطارِ رَيّا
وفَوقَ تِلالِها سُحُباً ثِقالا

وقد غُسِلَت فيافي البِيدِ طُهراً
بماءِ المُزنِ سالَ بِها زُلالا

كذا النّسماتُ بعد الغَيثِ هَبَّت
لِتَكسُوَ وَجهَ مَن تَلقَى جَمالا

ووَجهُ الشَّمسِ مِن خَجَلٍ تَوارى
يَبُثُّ نِقابُها ضَوءاً تَلالا

فَطَلَّت تُرسِلُ البَسَماتِ جَذلَى
ودِفءُ حَنانِها مَلأَ التِّلالا

صَباحَةُ وَجهِ قُرصِ الشَّمسِ ألقَت
بُعيدَ بُدُوِّها سِحراً حَلالا

ورِيحُ ثَرَى البِطاحِ الرِّيِّ فاحت
لها عَبَقٌ وعَرفٌ قد تَعالى

وأسرابُ الطُّيورِ أتَت تُغَنِّي
نَشيدَ السَّعدِ مِن طَرَبٍ سِجالا

ومِن أعشاشِها انطَلَقَت سِراعاً
لِتَسكُبَ في مَسامِعِنا ابتِهالا

ودَوحاتٌ وَقَفنَ على صُفوفٍ
تَمايلُ في أماكِنِها دَلالا

نَثَرنَ كما الغَواني البِيضِ غُنجاً
غَدائرَهُنَّ أشغَلَت الخيالا

كما لَو أنَّهُنَّ وَقَفنَ شَوقاً
على الطُّرُقاتِ يَرقُبنَ الوِصالا

وكان هَزيمُ صَوتِ الرَّعدِ يَسري
يَهُزُّ بِقُوَّةٍ تِلكَ الجِبالا

وعاودَت الرِّياحُ كذا هُبوباً
وساقت نَحوَنا سُحُباً حُبالَى

شَمارِخُ دُلَّحٌ سُودٌ ثِقالٌ
تَهادَى والبُروقُ بِها اشتعالا

كأَنَّ المُزنَ حينَ أتَت أَسيرٌ
يُساقُ كذا البُروقُ غَدَت حِبالا

فقالَ الغَيثُ في البُكُراتِ قَولاً
وعاودَ في المسا أيضاً وقالا

وزادَت حُلكَةُ الظَّلماءِ لمّا
تَراكَم غَيمُهُ وبِه تَتالى

وفي سُجُفِ الظَّلامِ بَدا دَلِيلاً
ضِياءُ البَرقِ حِينَ بَدا وحالا

فَصَبَّ اللهُ هَطَّالاً عَميماً
وأغدَقَ في مَرابِعِنا نَوالا

وأسقَى الأرضَ بعدَ الجَدبِ حَتّى
تَشَبَّعَ كُلُّ شِبرٍ بَل وسالا

وفي أحضانِ أُمِّ السَّيلِ حَلَّت
جَداوِلُ مِن بَناتِ السَّيلِ حالا

هَديرُ عُبابِ هذا السَّيلِ أبدَى
ضَجِيجاً صاخِباً عَجِلاً تَوالى

يَغُذُّ السَّيرَ لا يُثنيهِ شَيءٌ
يَشُقُّ طَريقَهُ لِلوَهدِ آلا

عَفَى جَنَباتِ بَطنِ الشِّعبِ سَيلٌ
عَرَمرَمُ يَقتَرِي تِلكَ التِّلالا

تَفَرَّقَت الغُيومُ وبعدَ حِينٍ
وساقَتها رِياحُ الوَسمِ حَالا

وغُدرانُ المياهِ كذا استَقَرَّت
تَحُطُّ عَصا التَّرَحُّلِ وانتِقالا

تُتَمتِمُ تَحتَ نُورِ البَدرِ سِرّاً
وقد تَعِبَت نُزولاً وارتِحالا

فأصبَحنا وقد مُدَّت حِياضٌ
بِماءِ الغَيثِ مُترَعَةً ثُمالَى

جِبالُ البِيدِ حِينَ بَدَت صفاءً
طُهورُ الماءِ اشبَعَها اغتِسالا

غَدَت تَبكي فِراقُ المُزنِ عَنها
دُموعُ الحُزنِ شَلاّلٌ تَوالَى

وقَطرُ الماءِ راقَ لَهُ انتِغامٌ
وإيقاعٌ جَميلُ الوَقعِ هالا

فَيَقطَعُ وَقعُها صَمتاً رَخِيّاً
وهَزَّ بِرِقَّةٍ ماءً تمالا

وبَينَ الفَينِ والأُخرَى نَقيقٌ
ضَفادِعُ سَبَّحَت رَبّاً تعالى

غَدَت تَبكي فِراقُ المُزنِ عَنها
دُموعُ الحُزنِ شَلاّلٌ تَوالَى

وقَطرُ الماءِ راقَ لَهُ انتِغامٌ
وإيقاعٌ جَميلُ الوَقعِ هالا

فَيَقطَعُ وَقعُها صَمتاً رَخِيّاً
وهَزَّ بِرِقَّةٍ ماءً تمالا

وبَينَ الفَينِ والأُخرَى نَقيقٌ
ضَفادِعُ سَبَّحَت رَبّاً تعالى

بِسَيبِ مِن عطاياهُ انتَعَشنا
غداً سَتَرَى المواشِيَ والجِمالا

غداً يَرعى قَطيعُ الضَأنِ نَبتاً
غداً تَرِدُ الغَدِيرَ وإن خَلا لا

فبارِك رَبَّنا واجعَلهُ سَحَّاً
عَميماً لا يُمَزِّقُنا انجِفالا

ألم تَرَ أَّنما الدُّنيا كَغَيثٍ
إذا ما حَلَّ يَذهبُ عَنكَ حالا

وهذي حِكمَةُ الرَّحمنِ يُحي
بِهِ الأرضَ التي ماتت هُزالا

تعالى اللهُ مَن أحيا فَلاةً
وبعد الموتِ أسلَبَها الغِلالا

مَهامِهُ أقفَرَت مِن كُلِّ حَيٍّ
سِوى نَزراً يَسيراً لا يُبالى

أليسَ بِقادِرٍ إحياءَ مَيتٍ
بَلَى هوَ هَيِّنٌ واللهُ آلَى

على أن يَبعَثَ الموتَى جَميعاً
فقد حَكَم القَضا كَتَبَ المآلا

وقد أسقَيتَنا يا رَبِّ غَيثاً
فَجَنِّبنا المعادَ غداً خَبَالا

و رِدنا الكَوثَرَ المَعسولَ حتّى
نَعُلُّ بِرَشفَةٍ مِنهُ اعتِلالا

وَهَبتَ الماءَ في الدُّنيا وظِلاًّ
فيومَ الحَشرِ أدخِلنا الظِّلالا

فيا غَوثاهُ مِنكَ أغِث قُلوباً
بِسَيبِ هُداكَ جَنِّبها الضَّلالا

أغِث يا رَبِّ أُمَّتَنا بِنَصرٍ
وفُكَّ القَيدَ عنها والعِقالا

وبَلِّغ رَبَّنا مِنَّا سَلاماً
رسولاً مُقتَفىً صَحباً وآلا

*******************************

أبو عصام الشقيبل

تعليق واحد على “من وَحي الطبيعة

ماجد الصبحي

لافض فووووك يابوعصام مبدع كعادتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *