إنه من السهل أن يكون الإنسان ممتناً عندما يستحسن ما يحدث في حياته.
لكن ما الذي يحدث عندما تواجهنا ظروف مؤلمة وأوقات عصيبة؟
إن من دلائل نورك الداخلي أنه مهما كان انزعاجك من أحداث الحياة،استمرارك في ممارسة الامتنان، وأن تكون لديك القدرة على الانتقال من تعطيل امتنانك خلال أوقاتك العصيبة إلى فهم أنك تستطيع أن تكون ممتناً ومتضايقاً في الوقت ذاته.
وهذه الحالة تسمى بالامتنان الذي يمكن ممارسته تجاه الأمور التي لم تكن تحدث، أو “الامتنان تجاه غياب الأشياء”.
إن الامتنان تجاه غياب الأشياء مهم بقدر أهمية الامتنان تجاه وجودها، ولكننا نميل إلى النظر إلى المواقف، الأشخاص، الممتلكات التي يمكن أن نكون مُمتنِّين تجاه وجودها.
ومع هذا يمكنك أن تمارس وعي الامتنان تجاه الأمور التي لم تعد موجودة.
على سبيل المثال، الظروف، أو الأشخاص الذين اختفوا من حياتنا.
إن الانتقال من أن نكون مُمتنّين فقط لما هو موجود إلى أن نكون ممتنين كذلك لما هو غائبٌ مرحلة متقدمة من الامتنان من شأنها بثّ السكينة والطمأنينة في النفس.
مثلاً، فكُره موقف أو ظرف لطالما كان حاضراً في حياتك، لكنه لم يعُدْ كذلك الآن.
غالباً ما يمدنا غياب الأشياء ببركات جمّة، فبدلاً من الاكتفاء بالنظر إلى حضور شيءٍ ما ترغب أن تكون شاكراً لوجوده، لماذا لا تبحث عن الأمور الغائبة التي نحن مُمتنُّون لعدم وجودها.
كلَّ نهار، انتبه إلى الهبات التي تتلقّاها جراء غياب الأشياء.
إليك بعض الأمثلة:
-غياب الألم بعد شفائك من إصابةٍ أو مرضٍ ما.
-غياب التوتر من شخص لم يعُدْ يعمل معك.
-غياب ازدحام السير على الطريق السريع، وأنت في طريقك إلى البيت.
إن الاحتفال بغياب الأشياء يمكننا أن نجعله ليس حدثاً لمرة واحدة، بل نستطيع أن نجعله جزءاً اعتيادياً من وعينا، وذلك حين نصل إلى المرحلة التي يتساوى عندنا فيها الامتنان بالحاضر كالامتنان بالغائب.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي