ساهمتْ ثقافتنا في تشكيل الطواعية للآخر بوصفها أنموذجاً لنبل الأخلاق، بل ذهبنا إلى تلك المطاوعة حياءً والفرار من النعت بالعيب.
ولعل الذاكرة الثقافية هي التي تملأ أدمغتنا بذلك:
لم يقل لا إلّا في تشهده لولا التشهد لكانت لاءه نعمُ
ويرجع ذلك التشكيل إلى تحكيم الذاتية، والمغالاة في المثالية، والبعد عن الموضوعية في معالجة الأمور.
فإنْ كنتَ عاجزاً عن قول كلمة لا في علاقة ما؛ فسوف يتحتّم عليك في النهاية أن تقول لا للعلاقة في حدِّ ذاتها.
وبهذا الشكل نحن بحاجة إلى رسم حدود بيننا وبين الآخرين، هذه الحدود معالمها الود والاحترام المتبادل.
ويجب عليك إعلامهم بذلك بأن تكون على سجيّتك عندما يريدون منك أن تكون شخصاً لا يمكنك أن تكونه؛ لأن ذلك يتعارض مع مكانك الحالي على طريق الاستنارة.
وقد يقول بعضهم أنَّ كلمة لا أكبر من قدرتك على التفوّه بها، فيمنعك الحياء من قولها، ولكن يمكنك التغلب على ذلك بالتعبير عنها بحُبٍّ ونبل واحترام وأيضاً بحزم والتزام.
فلا تقل مثلاً: أنتَ تتحكّم بي، بل سلِّطْ الضوء على الالتزام الذي تقوم به.
بعدها لن يتوجّب عليك أن تقول لا للعلاقة في حدِّ ذاتها؛ لأن العلاقة بذلك الالتزام سوف تزهر وتنمو.
إنَّ الأمور التي تواجهها بالمقاومة، وكذلك التي تستمر في تجاهلها وتأمل في أنها سوف تزول هي ما يتحكم بحياتك حقاً بطريقة سلبية.
إنَّ وضع الحدود لأي علاقة يساعدك على عكس ذلك كله، بحيث يمكنك أن تسير نحو أهدافك التي خططت لها، ولا تشغل ذهنك بتلبية طلبات الآخرين بقولك نعم.
ويمكنك من اليوم أن تتدبر الفرص الخفية في قول لا بطريقةٍ لبقة وذكية.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي