30 مليون نخلة تعزّز مصادر الأمن الغذائي في 13 منطقة بالمملكة

ارتبطت “النخلة” بخيراتها الغذائية الوفيرة وظلالها الوارفة لعصور ولأجيال متلاحقة, وحظيت على مرّ الزمن بعناية زُراعها والمجتمعات كونها تنتج ثمرة ذات قيمة غذائية عالية, باتت غذاء أساسياً لايكاد يخلو بيت منه.

واهتمت المملكة منذ وقت مبكّر بزراعة النخيل, ودعم المزارعين, وسنّ القوانين وإيجاد التنظيمات والإجراءات التي تسهم في المحافظة على أشجار النخيل وسلامتها, وتسهم في رفع وتحسين كفاءة إنتاجها من التمور وفق مواصفات قياسية تعني بصحة الإنسان, فأصبحت إحدى أكثر الدول إنتاجاً للتمور وصناعاتها المختلفة.

ويبلغ عدد أشجار النخيل في المملكة أكثر من 30 مليون نخلة تنتج أكثر من 1,5 مليون طن من أصناف التمور, يتم بيعها في السوق المحلي للمستهلكين والمصانع المحلية، وتحقق العام الماضي 2019 م اكتفاء محلي من التمور نسبة 125% فيما يتم توريد العديد من إنتاج التمور من الصناعات الغذائية إلى العديد من دول العالم من خلال مصانع التمور التي تعمل وفق مواصفات قياسية تهتم بتحقيق أعلى درجات الجودة في الإنتاج, وباستخدام تقنيات إنتاج ذات كفاءة عالية.

وتتوزّع أشجار النخيل في 13 منطقة إدارية بالمملكة حيث تتصدر منطقة الرياض المناطق من حيث وفرة أشجار النخيل وحجم الإنتاج بما يقارب 8 ملايين نخلة, تليها منطقة القصيم بأكثر من 7.3 مليون نخلة, والمدينة المنورة بنحو 4,6 مليون نخلة, والمنطقة الشرقية بنحو 4 ملايين نخلة, وفق مسح الإنتاج الزراعي للهيئة العامة للإحصاء لعام 2018م.

وتتنوّع أصناف التمور التي تنتجها مزارع النخيل في المملكة وتشمل عشرات الأصناف التي تختلف كمية إنتاجها, ومن أبرزها البرحي والخضري والخلاص والرزيز والسكري والشيشي والصفاوي والصفري والصقعي والعجوة والعنبرة والحلوة والبرني والروثانة والمكتومي ونبتة علي وشقراء ونبتة سيف وغيرها من الأصناف.

وللمحافظة على إنتاج التمور بجودة عالية حدّدت وزارة البيئة والمياه والزارعة العديد من المواصفات الاسترشادية لتسهيل التجارة المحلية والدولية وتشجيع إنتاج التمور بمواصفات عالية الجودة, بما يدعم العائد الاقتصادي للمنتجين والمصدرين, ويسهم في حماية مصالح المستهلكين.

وتشمل متطلبات جودة التمور التي حددتها وزارة البيئة والمياه والزراعة مطابقة التمور حجم وشكل ولون الصنف, واستبعاد التمور إذا لوحظ عليها تعرّض طبقتها الخارجية للهرس أو التمزّق أو الانكسار بصورة واضحة تؤثر على هيئة التمور, كما تستبعد التمور التي تعرضت للتعفّن أو الفساد بصورة تجهل منها غير صالحة للاستخدام الآدمي, كما تشترط أن تكون التمور نظيفة غير متسخة خالية من أي عامل خارجي باستثناء مكونات التغطية اللازمة.

وتتضمن المواصفات خلو التمور من أي تلف ناتج عن وجود حشرات واضحة, وأن تكون خالية من التخمير, وناضجة تماماً بمعنى ألا تكون خفيفة الوزن, أو قليلة اللّب متقزمة, وأن تكون خالية من رطوبة خارجية شاذة, أو رائحة أو طعم غريب, كما تشترط أن لاتزيد بقايا المبيدات على الحدود المسموحة المحددة.
وتلزم وزارة البيئة والمياه والزارعة مصانع إنتاج التمور بتدوين البيانات الإيضاحية على كل عبوة من التمور, تشمل التعريف بالمصنع أو المرسل وطبيعة المنتج وصنف التمر, وتحديد حجم الثمرة, وطريقة التعبئة سواءً مكبوسا أو شماريخا أو مفككا, وبلد المنشأ وسنة الإنتاج ومدة الصلاحية.

وتتميز التمور بشكل عام بقيمتها الغذائية العالية، لما تحويه من عناصر غذائية مفيدة للجسم, وعالية المحتوى من السعرات الحرارية مقارنة بأنواع الفواكه الأخرى، كما تعد التمور مصدراً جيداً للمعادن كالحديد والبوتاسيوم والكالسيوم، وقليلة المحتوى من الصوديوم, وتعد السكّريات الموجودة في التمور سكريات أحادية (الجلوكوز والفركتوز) ولذلك فهي سهلة الهضم والامتصاص, إضافة إلى محتواها الجيد من الألياف الغذائية, إضافة إلى احتوائها على فيتامينات (فيتامين ب وفيتامين أ), وكذلك البروتينات بحسب صنف التمر ومرحلة نضوجه.
وتصنف التمور من المواد الغذائية التي تمتد صلاحية استهلاكها فترة متفاوتة, إذ يمكن أن تكون تموراً معبأة “مكنوزة” وهذه المنتجات يتم وضع فترة صلاحية استرشادية لها تقدر بـ 12 شهراً من تاريخ التعبئة، أما التمور الطازجة غير المعبأة فهي تعد من الفواكه الطازجة التي لم تخضع لمعالجة, ولا يكتب عليها تاريخ انتهاء الصلاحية.
ودخل التمر خلال السنوات الأخيرة كمصدر رئيس في العديد من الصناعات الغذائية وتنوعها, فقد قامت الهيئة العامة للغذاء والدواء بإعداد العديد من اللوائح الفنية والمواصفات مثل مواصفة التمور الكاملة المعبأة، وعجينة التمر، ودبس التمر، كما تقوم حالياً بإعداد لوائح فنية خاصة بسكر الفركتوز المستخلص من التمر, وكذلك مسحوق التمر، وأعدّت بعض المواصفات التي تم اعتمادها دولياً كمواصفة “عجينة التمر”.
ونظراً لارتباط التمور بتاريخ المملكة ومن منطلق أهميتها كمنتج وطني وإستراتيجي, وبالتعاون مع شركاء الهيئة العامة للغذاء والدواء الإستراتيجيين ممثلة بوزارة البيئة والمياه والزراعة, ووزارة الشؤون البلدية والقروية، تقوم الهيئة العامة للغذاء والدواء بإعداد وتنفيذ برامج لرصد مستويات بقايا المبيدات في مختلف الأغذية بشكل سنوي ومن ضمنها التمور. حيث يتم من خلال البرنامج السنوي سحب وتحليل عينات غذائية يتم جمعها من الأسواق المختلفة من جميع مناطق المملكة, وذلك بناءً على أسس إحصائية بغرض الكشف عن بقايا المبيدات بها -إن وجدت – والتأكد من عدم تجاوزها للحدود المسموح بها حسب المواصفات القياسية المعتمدة لبقايا المبيدات في الأغذية.

وقامت الهيئة العامة للغذاء والدواء على مدى السنوات الخمس الماضية بسحب وتحليل 889 عينة تمور من مختلف مناطق المملكة، وأظهرت نتائج تحليل عينات التمور ارتفاع نسبة مطابقة العينات للمواصفات القياسية المعتمدة بشكل سنوي, حيث تجاوزت نسبة مطابقة عينات التمور 94% في عام 2019م من إجمالي عينات التمور المستهدفة مقارنة بعام 2016 م الذي بلغت فيه نسبة المطابقة (75%), ويعود ذلك إلى توفيق الله ثم الإجراءات الرقابية التي قامت بها الهيئة على مصانع التمور, والجهود المبذولة من وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية.

وقامت الهيئة مؤخراً بالتواصل ومخاطبة المركز الوطني للنخيل والتمور بشأن دراسة مدى إمكانية فرض شهادة تثبت خلو التمور الطازجة المصدرة من جميع الملوثات بما فيها المبيدات، لتتوافق مع الاشتراطات الدولية في هذا المجال، وتتوافق أيضاً مع ما تطبقه الهيئة بالنسبة للتمور المصنعة, كما تستمر الهيئة وشركائها في بذل المزيد من الجهود في تحقيق أهدافهم والتي تتضمن سلامة المنتجات الغذائية المعروضة للمستهلكين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *