أدب العزلة.. من يوميات «كورونا»

د. يوسف العارف

أدب العزلة
من يوميات (كورونا) 1441هـ

شعر: د. يوسف حسن العارف

(1) بقايا الظَّلامَ:
سَألتُكَ رَبِّي حَياةَ الضَّميرِ…
بَعِيداً عَنِ الإفْكِ والمُوبِقَاتْ
فقَدْ رَانَ قَلْبِي.. غَشَتْه الذُّنُوبُ
وحَادَ عَنِ الحَقِّ وَالصَّالِحَاتْ
وكانَ عِقَابُكَ يَارَبُّ صَعْباً
أنُبْعَدُ عَنْ كَعْبَةِ البَيِّنَاتْ؟!
وَتَجْتَاحُنَا مِنْ وَبَاءِ (كُوروُنَا)
سُيُولٌ مِنَ الخَوْفِ والجَائِحَاتْ
فيَارَبِّ طَهِّرْ بِلاَذكَ مِنْ…
بَقَايَا الظَّلاَمِ.. ولَيلِ الشَّتَاتْ

جـــــــــــــدة
28/7/1441هـ
* * *

(2) رَجَبِيَّةٌ ما؟!
قالوا: تَسَاوَى التِّبرُ والتِّنبَاكُ
فَتَرفَّقُوا إنَّ الحَيَاةَ هَلاَكُ
واخْشَوشِنُوا، جَاءَتْ (كُرونَا) فَجْأةً
فَاخْتَلَّ مِنَّا الحِسُّ والإدْرَاكُ
كُنَّا عَلَى وَجهِ البَسِيطَةِ مِثلَ مَا…
نَبْغِي، ولكِنّ جَاءَنَا الإرْبَاكُ
(رَجَبِيَّةٌ) مَرَّنْ عَلَيْنَا صَرْصَرٌ
خَلَت الشَّوارِعُ، وَاخْتَفَى التِّحْراكُ
لِلَّهِ ما قَدْ حَلَّ في حَيَواتِنَا
أَرْضٌ تمُور.. وتَختَفِي أَفْلاَكُ

جـــــــــــــدة
6/8/1441هـ
* * *

(3) إِيــــلاَفٌ
تَجلَّد.. أَيُّها القَلْبُ المُعَنَّى
فقَدْ أَدْمتْكَ آلاَمٌ شِظَافُ
رُزِئتَ بِفَقْدِ بَيتِ اللَّهِ فَجْراً
وَعِندَ الظُّهرِ يُمتَنَعُ المَطَافُ
أتَيتَ إليهِ سَعْياً لاَ تُبَالِي
وَعُدْتَ بِمُقْلَةٍ ثَكْلَى تَخَافُ
بِلاَ نَا اللَّهُ بِالأَيَّامِ تَتْرَى
فَأيَّامٌ كَرِيْهَاتٌ.. وأيَّامٌ عِجَافُ
سَأَلتُ الله يَفْرِجُهَا عَلَيْنَا
وتَبْقَى (مَكَّتِي) إلفٌ وإيلاَفُ

جـــــــــــــدة
5-6/8/1441هـ
* * *

(4) الصَّلاة في الدِّيار..
لَمْلِمَ جَرَاحَكَ.. وَاكْتُبْ أيُّها القَلَمُ
وحَرِّكِ الشَّجوَ فَالأفكَارُ تَضْطَرِمُ

هَانَحنُ فِي لَيلَةٍ غَابَتْ مَبَاهِجَها
وحَلَّ فِي لاَبَتَيْهَا السُّقمُ والسَّأمُ

فَـ (طَيْبَةٌ) قَدْ سَقَتْهَا الدَّاءَ جَائِحَةٌ
وَارْتَجَّ (بَطْحَانُ) والآكَامُ وَالأُطُمُ

وَ(مَكَّةٌ) أُغلِقَتْ عَنْ كل مُعْتَمِرٍ
فَاتْشَقَّ (ثَورٌ) وَمَادَ الْحِلُّ وَالحَرَمُ

واسْوَدَّتِ الأرضُ لمَّا قَالَ قَائِلُهَا
صَلُّوا بِدَارَاتِكُمْ.. فَالأَمْرُ مُحْتَكَمُ؟!

جـــــــــــــدة
3-10/8/1441هـ
* * *

(5) زيارةٌ وتفاؤل
وَمحَبَّةً.. زُرتُ الحَبِيبَ (الزَّيْدَا)
مُتفَائِلاً.. فِي بُرْدَتَيَّ قَصِيْدَا
فَوَجَدْتُهُ نَشْوَانَ مُؤتَلِقَ النُّهَى
فِيْ مُقْلَتَيْهِ تَشَوُّقاً ونَشِيدَا
قُلْتُ السَّمُوحَةَ إن أتَيْتُكَ زَائِراً
فِي وَقْتِ حَظرٍ والزَّمانُ كَئِيْدَا
فَتَبَسَّمَ الأُسْتَاذُ.. قَالَ مُرَحِباً
يَا ألفَ أَهْلاً.. يَومُنَا عِيْدَا
مُتفَائِلُونَ.. وَرُغْمَ كُلِّ مُصِيبَةٍ
فَالنَّفْسُ تَرضَى والفُؤَادُ شَهِيدَا

جـــــــــــــدة
الأربعاء 8/8/1441هـ
* * *

(6) دَربٌ مَشَيْنَاهُ

(1) قَالُوا (كُورُنَا)..
عمَّ أْرضَ الله..
عمَّ الكَوْنَ..
وَانْتَفَضَتْ بِهِ الدُّنْيَا…
أما تَخْشَاهُ؟!

(2) قَالُوا: (كُرُونَا)…
قُلْتُ: حَيَّهَلاَ…
مَا قَدَّر الرَّحمنُ نَرْضَاهُ

(3) هي قَرْصَةٌ…
فِي الأُذْنِ مُوجِعَةٌ،
حَتَّى نَقُولَ مُصَدِّقِينَ:
يَـــاآآآآاللَّهُ

(4) قَالُوا: (كُرُونَا)…
فَقُلتُ: تَصَبَّرُوا…
مَا كُلُّ أيَّامٍ لَنَـــا بِيْضٌ..
وَبَعْضُ سَوادِهَا نَلْقَاهُ

(5) اليَــوْمَ (جَائِحَةٌ)…
“نَضِيقُ بِهَا – ذَرْعَاً –”
وَفِيمَا بَعْد: نَذكُرُ…
أنَّهَا دَرْبٌ مَشَيْنَاهُ
جـــــــــــــدة
من عصر الأحد
إلى مساء الثلاثاء 5-8/8/1441هـ
* * *

(7) كَمْ في العُسْرِ يُسْراً
يُغَنِّي الفَجْرُ في أَحْشَاءِ ليلٍ
وَتَسْمَعهُ القُلُوبُ بِلاَ ارْتِيَابِ
أقُولُ له: وَقَدْ زَادَ اغتِبَاطِي:
أَرَاكَ حَقِيقَةً مِثْل الشِّهَابِ
مَلكْتَ مَشَاعِرِي وَأَضَأْتَ نُورَاً
لَهُ فِي المَشْرِقَيْنِ صَدَى انْسِكَابِ
فًيَا لِلَّهِ كَمْ في العُسْرِ يُسْراً
وَكَمْ غَيْثاً يَجيءُ مِنَ السَّحَابِ
فَمَا كُلُّ الرَّزَايَا قَدْ دَهَتْنِي
وَإنْ كَانَتْ تُكَدِّرُ من شَرَابِي

جـــــــــــــدة
صباح الخميس 9/8/1441هـ
* * *

(8) مَتَى نَعُود؟!
يَا صُحبَةَ الحَرَمِ الشَّرِيفِ تَحِيَّةً
مِنْ خَافِقٍ أودَت بِهِ الأقْدَارُ
كُنَّا جَمِيعاً في المَطَافِ فُطُورُنَا…
يَوْمَ الصِّيَامِ.. وَهَرجُنَا استِغْفَارُ
كُنَّا نَلُمُّ شَتَاتَنَا فِيْ آيَةٍ..
تُتلَى، فَيُقْبِلُ حَوْلَنَا الأَخْيَارُ
جَاءَتْ (كُورُونَا) فَجْأَةً.. وتحوَّلَتْ
تِلْكَ الأَمَاسِيْ صَفْصَفٌ وَغُبَارُ
فَمَتَى نَعُودُ لِسَابِقِ العَهْدِ الَّذِي..
كَانَ الطَّوَافُ وصُّحْبَةُ أبْرَارُ؟!

جـــــــــــــدة
الجمعة 10/8/1441هـ
* * *

(9) شكراً لـ….

(1) شُكْراً قِيَادتَنَا…
وضَعْتِ البَلْسَمِ الشَّافِي
وقَاوَمْتِ الخَفَافِيشَ الكَرِيهَاتِ
صَعَدْتِ مَعَارِجَ الأنْوَارِ
وَنِلْتِ المَجْدَ فِي المَاضِي…
وَفي الآتِي
صَنَعْتِ لهذا الشَّعْبِ مَلحمَةً
نُغَنِّيهَا بِأيَّامِ البُطُولاَتِ
“فوق هام السحب..
وإن كنت ترى
فوق عالي الشهب..
يا أحلى ثرى
مجدك لقدام
وأمجادك ورا
وإن حكى فيك حسادك نرى
ما درينا بهرج حسادك أبد
انتي ما مثلك بها الدنيا بلد
والله ما مثلك بها الدينا بلد”
[بدر بن عبدالمحسن]

* * *

(2) شُكْراً حُكُومَتَنَا…
أَيقَظْتِ وَعْيَ النَّاس..
عَبْرَ رَسَائِلِ التَّحذِير..
وَتَعلِيقِ الدِّرَاسَات..
والرَّحلاتَ..
وإغلاقِ الاجْتِماعَاتْ..
والتِّجوَال..
وإعلان (الجهاد) على (كورونا)
فنِلْتُمُ شُكْرَنَا..
وحَصَدْتُمُ الدَّعَوات!!
* * *
(3) شُكْراً رِجَال الطِّبْ…
بنياتي (الحَكِيمَاتْ)..
دُورَ المَشَافِي
ودَارَ الصَّيْدَلِيَّات..
كُنتُم صَّفَّنَا الأَوَّلْ..
ولازِلْتُم..
تَصُدُّونَ (الجَوَائِحَ)..
بِالصُّدورِ.
مَلأتُمْ قَلبَنَا..
بالنُّورِ..
وسَجَّلتُم عَلَة لَوْحِ الفَخَارِ..
أَسَامِيكُمْ..
وعَرَّفتُم (كُوروُنَا)
بالنَّجَاحَات..
فَعِشْتُم يا رجال الطِّبِّ
ونِلْتُم أشْرَفَ الرُّتَبِ!!
* * *
(4) شُكْراً لـ (كُورُونَا)…
فَقَد زَارَتْ بِلاَ ترحيبْ.
وَحَلَّتْ فِي أرَاضِينَا…
بِلا تَرْتِيبْ.
وَلَكِنْ عَلَّمَتنا:
كيف نَلقَى الضَّيفْ..
إذَا مَا جَاءَ قَبْلَ الصَّيْفْ..
وَأوْغَلَ فِي الدِّيَارِ البِكْرِ…
فًقاومْنَا بِهذَا السَّيفْ..
سَيفِ النَّصْر..
والإيمَانْ…
بِلاَ تَكْذِيْبْ.
فَوَعْدُ الله حَقٌ
لَيْسَ وَرَاءَهُ تَعقِيبْ
* * *
(5) وشُكْراً يَا بَنِي قَوْمِي..
سعوديون يَا أنْتُم..
وأنتم “خَيرٌ مَن رَكِبَ المَطَايا
وأنْدَى العَالمِينَ بُطونَ راحِ”
تَيَقَّظْتُمْ لِهَذاالمَارِدِ الجبَّار..
تَوَاصَيتُمْ على ذَا (الجَائِحِ) البَتَّار..
وكنتُمْ حَولَهُ مثل الرِّياحِ.
سَلاَمٌ يَا بَنِي قَوْمِي..
عَلَى أرْوَاح مَن مَاتُوا..
ستَنْشُرُ ضَوْءَهُم تِلْكَ السَّماواتُ..
وبَعدَ اللَّيلِ فَجرٌ…
سَوفَ يَأتِي
وَتُشْرِق شَمسُه…
فِيْ كُلِّ سَاحِ!!

جـــــــــــــدة
السبت 11/8/1441هـ
* * *

4 تعليق على “أدب العزلة.. من يوميات «كورونا»

صامل عتيق الله بن غيث البلادي

الله الله يادكتور يوسف أسعدتنا بطرحك الجميل وسلمت الأنامل التي تكتب من ذلك الفكر الذي يملي . لافض فوك شاعرنا العزيز . لك منا كل التقدير والاحترام وفقك الله وإلى الأمام دائماً .

أحمد بن مهنا الصحفي

لاعدمت الميادين شعرا أنت تكتبه …ولاصوتا فصيحا تنشف به مسامعنا.
حفظك الله يادكتور يوسف . أُسعدت بإطلالتك المميزة .

د يوسف العارف

شكرا لمن استقبلني بالترحاب ونشر هذه المشاركة وشكرا لحروفكم الداعمه والمحفزة أخي صامل واخي احمد مهنا ونسأل الله
ان يذهب الغمه ويكشفها عن العالين !!!

عبدالعزيز بن مبروك الصحفي

الدكتور يوسف العارف
بارك الله فيك وأسعدك، جميل جدًا ما جادت به قريحتك من درر جميلة وما حوته من الحكمة والفكر النير، وفقك الله ورعاك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *