الكَهْرَباء وَبَاء

تَحْت ضَوْءِ الْقَمَرِ متوسدين الْحَجَر نَجْلِس 

نتسامر ونتحاور ولقصص الْأَوَائِل ننصت وَلَا نخاطر بِمُقَاطَعَة السَّارِد

فَذَاك طِفْل شُجَاعٍ وَهَذَا رَجُلٌ الْمِحْرَاب وَأُم مَاتَت وَتَرَكْت أَطْفَال وَوَحْش ثَار وَجِنّ طَار

فَإِذَا جَاءَ السِّحْر تَفَرَّقْنَا مِن بَاحِثٌ لِطَعَام وَمُصَلَّي لِلرَّحْمَن وَنَائِم بِسَلَام

لِطُلُوعِ الْفَجْرِ مترقبين وَلِلصَلَاة مشتاقين ثُمّ نفترق مِنْ طَالِبِ لِعِلْم وحارث لِزَرْع وَبَائع لبضاعة. . .

هَكَذَا هِيَ الْأَيَّامُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ نَشْرَب مِنْ بِئْرٍ وَنَأْكُل مِنْ تَمْرٍ

وفجأة أَصْبَح اللَّيْلِ كَالنَّهَارِ وأنارت الْأَنْوَار وأندثر السِّرَاج وَدَخَل بَيْتِنَا التَّلْفاز يَعْرِض عَلَيْنَا مَا يَحْدُثُ فِي الْبُلْدَانِ بَل ويسامرنا مَتَى مَا أَرَدْنَا السَّمُرَ حَتَّى إنَّنَا خططنا لِلسَّفَر فَالْعَيْن تَرَى وَالْقَلْب يَشْتاق وَالنَّفْس تُرِيدُ أَنْ تَحْلِقَ كَالطَّيْر وَلَيْسَ هُنَاكَ ضَيْر ، ثُمّ تَوَالَت السُّنُون وَكَثُرَت الدُّيُون فأطفالي يُرِيدُونَ مَا رَأَوْه عِنْد جَارِي ، وَزَوْجَتِي تُرِيدُ أَنْ ترتدي فُسْتانا غالِي وَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا هَاتِفٌ نَقّال وَوَلَدِي يُرِيد سَيّارَة الْفِرارِيّ لِذَا فَكَّرْت بِالْفِرَار وَالْهَرَبِ مِنْ قبيلتي وأطفالي فَأَطْلَقْت لقدمي الْعِنَان وَقُلْت لَهَا سِيرِي فِي أَرْضِ الرَّحْمَن عَلَنا نَجِد الْأَمَان والسُّلْوان وَفِي طَرِيقٍ وَحْدَتِي و ضياعي نَادَانِي جَارُنَا سَلْمَان تَعَالَ يَا عُثْمَانُ فَهُنَا كُلّ الْجِيرَان ! سارعت بِالْخَطَا مَا الْأَمْرُ الجَلَل وَلَمَّا تجمعتم هَلْ هُنَاكَ خَبَر أَجِيبُونِي فَأَنَا فِي هَلِع . . . ! ! ! ؟

تَعَالَت الضحكات و سَمِعْت الدَّعَوَات
لَا خَوْفٌ يعتريك وَلَا هُمْ يبتلك
وَمُدُّوا لِي قَهْوَة الهيل وَقَالُوا لِي
مَا أَخْرَجَك أَخْرَجْنَا فحالنا حَالُك جيوبنا لَمْ تَعُدْ تُمْطِرْنَا ونساؤنا لَمْ تَعُدْ تعذرنا

مَا هَذَا يَا بِشْرُ ! ؟ مَا الْعِلَّةُ مَا الْخَبَرُ ! ؟ أَيْنَ مَا كُنَّا فِيهِ فِي سَابِقِ الدَّهْر ! ؟ رَدّ كَبِيرَنَا : اُنْظُرُوا حولكم هَذِه الأَسْلاك هِيَ السَّبَبُ مُدَّت لتنير طريقنا لَكِن قُطِعَت وَدَنَا فَأَنَا وَجَارَنَا مَحْمُودٌ كُنْت أَمَدَّه بِاللَّحْم ويمدني بالتمرفأدخلنا الكَهْرَباء و أضأنا الْفَنَاء و اشْتَرَيْنَا الثَّلاجَة وخزنا حَتَّى التّفّاحَة لَا يَعْلَمُ هَلْ لَدَيّ تَمُرُّ وَلَا أَعْلَمُ هَل لَدَيْه لَحْم وَأَنْتَ يَا عُثْمَانُ لَا نَرَاك بِالنَّهَار وقاطعت السِّمَار لِأَنَّك أَصْبَحْت سِمْسَار يَطُوف بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقِسْ عَلَيْهِ بَاقِي الأمورلتجد الْوُدّ فِي ضُمُور وَإِذَا بَحَثْت عَنْ السَّبَبِ تَجِدُه مَا صَنَعَهُ الْبَشَرِ مِنْ تَيّار الكَهْرَباء فَهِي الْوَبَاء وَلَيْس عَنْهَا اسْتِغْنَاء.

 

فاطمة بنت عبد الحميد المغربي

تعليق واحد على “الكَهْرَباء وَبَاء

ابوخالد

قرت الكتابة لك بالقلم فرايت العقل يكتب قبل القلم، ولمست في مقالك الواقعية ، والحقيقة في سرد المعلومة ، التي فعلاً اشتقنا لها ؛ حسن الجوار والاخوة والمحبة بين الجميع … حتى تعايشنا مايصدر من البعض او الاخر بكل الظروف والمعطيات…

بالتوفيق ان شاءالله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *