أولو الألباب والجهر بالقول

نحفظ -نحن بني البشر- مفهوم الحرية عن ظهر غيب، لكن هذا الحفظ يُصاب بالخرف في تحويله واقعاً ملموساً؛ فننسى أهم أدواته وطرائق تنفيذه.
وبين فترةٍ وأخرى يُطلُّ علينا هذا العوز الشديد في تطبيق ممارسة الحرية بمفهومها الصحيح، ومن هذا العوز صورة التصادم الحضاري بين قبيلتين، أو أمتين، أو عرقين مختلفين مذهبياً، أو أيدولوجيتين متباينتين.
إنَّ هذا التصادم الحضاري يُقصي تماماً مفهوم الحرية الفكرية والثقافية التي تجعل من الحرية ذاتها مناراً تشعُّ بالاحترام والتسامح والسلام، وتمجُّ كل الممارسات التي تُولّد الكراهية والتطرف، وتمسُّ بقيم التعايش المشترك والاحترام المتبادل بين الجميع.
وما شاهدناه من رسومٍ مسيئة لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يأتي مخالفاً لمفهوم حرية التعبير، بل يأتي أساساً لكثير من مظاهر التأجيج وشحن النفوس بالكراهية والعداوة.
فهنا لا يصح إسقاط ولي عنق مصطلح حرية التعبير، كما أنه لا يصح الموافقة مع من يذهب بالقول بأن حرية التعبير أن تقول ما تشاء دون اعتبارٍ لما يسببه ذلك القول من إساءة لمشاعر الآخرين ومعتقداتهم.
فحرية التعبير تلك ليست تعدياً على معتقدات الغير فقط، بل أنَّ بها تحريضٌ على العنف وإشعال فتيل الكراهية والتطرف.
إن الإساءة لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام هي بمثابة عدوانٍ سافر وإساءةٍ عميقة الألم تُنذر بتنامي نار الكراهية والعنف في العالم.
ولذا من الواجب على الراشدين في أقوامهم الجهر بهذا التنديد لتلك الرسوم المسيئة بحكمةٍ بالغة وبصيرةٍ نافذة.
هذا الجهر الواعي الذي يقوده أولوا الألباب من القوم من شأنه أن يعمل على تحريك وعيٍّ عالمي يطوف العالم لنشر التسامح والتعايش والاحترام المتبادل بين شعوب العالم.

سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

تعليق واحد على “أولو الألباب والجهر بالقول

MOHAMMAD aLBASHRI

احسنت لا فض فوك وطاب يومك عامرا بذكر الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *