وظائفنا وعربة البؤس!

عندما نتّخذ الشكوى عادةً لنا؛ فإننا نجعل بذلك اللامعنى عادة.
قبل أن تمر فترة طويلة بانشغالنا بالشكوى بشدة من عملنا؛ سيضيّع علينا أيّ فرصة لنرى تجربة عملنا كجزء غني من حياتنا.
وبدلاً من استخدام الوقت للعثور على معنى، فإننا نستخدمه للعثور على اللامعنى والتركيز عليه.
لذلك من الآن فصاعداً اسأل نفسك:
لماذا تشكو؟
وربما السؤال الأكثر أهمية:
ما العائد من شكواك؟
تذكّر أيضاً أن كرنفال الشكوى الكبير ليس احتفالاً، وإنما عربة كبيرة يملؤها البؤس.
فشكوانا تُهوُّن من خبراتنا في العمل، وفي حياتنا الشخصية على حدٍّ سواء.
ولكن عندما نقضي الوقت للتواصل حول مخاوفنا وأسباب إحساسنا بعدم الأمان؛ فإننا نترابط على مستوى أعمق وأصيل.
إنه عندما نتصل من خلال هذه الإنسانية الأعمق؛ نخلق مجتمعاً جديداً من الدعم والإمكانية.
وهذا لا يعني أننا ننكر أعباءنا، وأحزاننا، وهمومنا، والدخول في منظور مُبهِج للعالم، لكن عندما نعرف معنى حياتنا؛ يمكننا أن نعرف حقّاً معنى عملنا.
إنَّ رغبتنا في المعنى، وليست رغبتنا في المتعة، أو رغبتنا في السلطة؛ هي ما ينير حياتنا بالحرية الحقيقية.
لا تخلو حياة المرء من الظروف، لكنه حرٌّ في اتخاذ توجُّهه الذهني فيما يتعلق بهذه الظروف.
والأمر متروك له إنْ كان سيخضع ويستسلم للظروف أم لا.
لكن بوسعه أن يرتفع فوق هذه الظروف؛ وبذلك يفتح بُعداً إنسانيّاً.
وليدرك أنه في نهاية المطاف، أنَّ المرء ليس خاضعاً للظروف التي تواجهه، بل هذه الظروف تخضع لقراره؛ فهو عن قصد أو دون قصد يُقرِّر ما إذا كان سيواجه أو يستسلم، وما إذا كان سيسمح للظروف بالتحكم فيه.
إنَّ عملنا هو انعكاس لوجود، أو عدم وجود معنى في حياتنا، سواء كنا ندير شركة، أو نقود حافلة، أو نحيك لحافاً، أو نطهو وجبة، أو ننظف غرفة بفندق.
على الرغم من أن الرابط قد يبدو بعيداً، فإننا عندما نقوم بتنظيف غرفة في فندق أو منزل، فإننا نشارك بذلك في تعزيز قيم رفيعة تُجلُّ الطبيعة الروحية للإنسان، حيث النظافة من الإيمان.
إنَّ أكثر الناس اليوم لديهم وسائل العيش، لكن ليس لديهم معنًى يعيشون من أجله.
وقياساً على ذلك، لدى العديد من الناس أعمالاً يؤدونها مقابل الأجر، لكن يفتقد الكثير منهم المعنى الخاص لتلك الأعمال.
إنه عندما نختار المعنى في مكان العمل؛ فإننا نُولِي اهتماماً لكل شيء حولنا؛ نختار بذلك الاحترام واللطف والمجاملة، نختار العدالة والإنصاف، نجلب اتخاذ القرارات الأخلاقية والمعنوية الخاصة بنا إلى وظائفنا، ونجد السبل لإحداث تأثير خيّر ونافع للناس.
وبالتالي سنجد أن نسبة الشكوى انخفضت بشكل تدريجي، وحَلَّ مكانها التنعُّم بمعنى العمل الذي نقوم به.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *