يرتبك البعض ويعتقد أن عيْش حياتهم الحقّة يعني أن يكونوا محظوظين، وأنْ يجدوا عملاً مناسباً فيه رئيس يُقدِّر مجهوداتهم.
وهذا ليس من الواقع في شيء.
فعليك أن تدرك أنه بإمكانك أن تحيا حياتك الحقّة في أيّ مكان، وأيّ عمل، ومع أيّ رئيس.
يلي هذا الإدراك الجوهري خطوة تشرع فيها
بإيجاد ما يجعلك سعيداً، ثم تبدأ في عمله وفق خطةٍ مُزمّنة.
وأثناء شروعك في مصافحة تلك الخطة، عليك أن تصحب سعادتك وتجعلها نديمك وخليلك في كل مراحلها.
هذه المصاحبة تجعلك تدرك أمراً يخفى على الكثير، وهو أنه مهما كان الهدف الذي تسعى للوصول إليه، يمكنك الوصول إليه بصورة أسرع تصل لعشرة أضعاف لو كنت سعيداً حين تباشر مهام عملك.
ومع هذا الإلهام الذي تهبه لنا تلك المصاحبة؛ نجد أنَّ أغلب الناس يظن -مثلاً- أن موظفي المبيعات الناجحين سعداء؛ لأنهم يبيعون أكثر ويكسبون أكثر.
وهذا الأمر ليس صحيحاً؛ فهم يبيعون أكثر ويكسبون أكثر؛ لأنَّ ثمة سعادة تغمر أرواحهم؛ تنعكس بشكلٍ إيجابي على جودة عملهم.
فإذا رفضتَ أن تُنمِّي السعادة في نفسك؛ فلن تكون لديك الطاقة الكافية لتُصبح مَنْ تُريد.
وبنظرةٍ سابرة في أوجه الحياة عموماً؛ نجد أنَّ منْ يمتلك إجابة الأسئلة العظيمة للحياة:
-ماذا تريد؟
-لماذا تريد هذا الأمر تحديداً؟
-كيف تحقق ما تريد؟
فكأنما قطع مساحةً كبيرة من تيه التشتت وبِيْد الحيرة، وانسابت سعادة غامرة في حنايا روحه؛تُمكّنه من الوصول إلى مرحلة الانهماك والتدفق في العمل الذي يباشره.
فعلى سبيل المثال، نجد أنَّ أغلب مَنْ يلعبون كرة القدم يجتهدون في مبارياتهم أكثر مما يجتهدون في أعمالهم؛ لأنه لا توجد مقاومة، فكل ما يقومون به ينبع من شغفٍ كبير يُفْضي إلى سعادة ٍغامرة.
إنهم لا يعرفون ذلك؛ لأنهم لا يشعرون بأن ذلك عمل، وإنما يشعرون بأنه متعة.
يلعبون على ملعب الكرة بطاقةٍ وحيويةٍ وإبداعٍ أكثر؛ لأنها لعبة.
وهم يلعبون -أيضاً- بالتزامٍ مستمر بتنمية مهاراتهم؛ فكل شخص يهتم بالتقدُّم في المباريات التي يلعبها.
فهم في حالة انسياب، لا يشعرون فقط بإحساس عميق بالرضا، وإنما يفقدون الإحساس بالوقت.
وهذا التدفق العجيب من حالة الانسياب؛ يحدث عندما تستجيب لذلك النور -الذي تمنحه لك رؤيتك- على نحوٍ فعّال، وستجعل رؤيتك مسؤوليتك الخاصة، وألّا يقتصر الأمر على رؤيتك، بل ما تفعله رؤيتك.
إنَّ أكثر الأسئلة التي يمكن أن تطرحها على نفسك فائدةً هو:
“ما الذي أريد التوصل إليه؟”.
إنه سؤال رائع؛ لأنه لا يذكر أيّ مشكلات، أو عوائق، بل يتضمن الإبداع الخالص، وهو يعيدك إلى الجانب الإيجابي من الحياة.
وإذا لم تجعلك رؤيتك -التي تنبثق من نورك- تنهض في الصباح؛ إذن فقمْ بتكويّن رؤيةً أخرى. استمرّْ في ذلك حتى الحصول على رؤيةٍ شديدة الوضوح ونابضة بالحيوية لدرجة أنَّ مجرد التفكير فيها يدفعك إلى الفعل ومعانقة الحياة بكل بهجة.
إنه حين تكون حياتنا تعبيراً عن حالة السعادة الداخلية؛ نكتشف مخزوناً هائلاً من القوة في داخلنا.
وهذا ما تقوم أنت بفعله لنفسك حين تُجيب عن الأسئلة العظيمة التي تطرحها عليك الحياة حين تَحلّ ضيفاً عليها.
إنَّ استحضار إجابات تلك الأسئلة؛ يمنحنك التحرُّر من الخوف والمحدوديات، ويسمح لك بتحقيق الوفرة التي تطمح إليها.
سليمان مُسلِم البلادي.
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي