حين تقرأ بقلبٍ واعٍ آيات القرآن الكريم وتتوقف عند أحداث السيرة النبوية؛ تتكشف لك ثماراً روحية عدة، لعل ضبط النفس والحث على الصبر من أبرزها.
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
كثيراً ما يُساء ضبط النفس بأنه الإحجام عن القيام بما تُريد.
ويتم تجلية هذا الأمر وتوضيح مفهومه -عبر الوعي- بأن تعرف متى تكبح جماح غضبك، ومتى تتحول، ومتى تتكون لديك ردة فعل معينة والتي ستكون هي النتيجة الماهرة للتعلُّم والدُّربة الذاتية.
فالقدرة على أن تبقى هادئاً وتنتظر اللحظة المناسبة للتسريع هي توسيع للإمكانية، وليس انكماشاً، أو هواناً كما يتصور البعض.
إنَّ تعلُّم استخدام الثمار الروحية -التي قطفتها من قراءةٍ واعية لآيات الصبر وضبط النفس، وتدبُّر أحداث السيرة النبوية في هذا الخصوص -والتي هَذّبتَ بها نفسك كمجموعة من مقاييس التمييز، لا يعني أنك ستكون على حق في أي ظرف.
مع أن في جوهر هذه الثمار دعواتٌ للتأمل الذاتي والتجريب.
فهي ممارساتٌ روحية يُمكنك الاهتداء بها والاقتداء برشدها واستحضار معانيها حين تتعرض لمواقف تتطلب منك التحلي بضبط النفس.
فإذا كنت غاضباً، أو فاقداً السيطرة على أعصابك، تخيِّلْ أنك اخترت الوداعة، وأن تجلس مع نفسك لفترة بدلاً من التعبير عن هذه المشاعر – وإلقاء محنتك على الآخرين.
وكذلك إذا كنت تتعرض للضغط ومتسرعاً،
لو أعطيت نفسك مساحةً للتنفس عندما تتعرض للضغط من أجل اتخاذ قرار كما جاء في الهدي النبوي الشريف.
إن العمل بثمار الروح يمكن أن يساعدك في تطوير الحرية الداخلية، ويقربك أكثر من ذاتك الحقيقية.
كما أن تلك الثمار تجعلك تدرك أنَّ الرأي الصحيح ليس صحيحاً عندما تتعلق به.
لذا إذا كنت مدفوعاً من خلال الوهم، والطمع، والنية السيئة للدفاع عن رأيك الصائب؛ ستفقد صوابية ذلك الرأي.
كذلك تمنحنا تلك الثمار الروحية إدراكاً جوهرياً باحترام التنوع والاختلاف.
أيضاً تمنحنا تلك الثمار تخفيف حدة النقد واللوم، والانتقال من نقطة تركيزنا على ما ينبغي هدمه إلى ما يجب بناؤه وتكوينه.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي