“الضوء أسرع من الصوت”
تبدو هذه العبارة مثلاً صحيحة من الناحية العلمية ولا تحتاج إلى براهين.
ولكن حين تمر عبر ممرات لإثبات صحة رأيك وتأكيد تفوقك على غيرك؛ تخرج من نسقها الطبيعي إلى نسقٍ مختلف يخدم وهم الأنا في التفوق والتميز على الآخر.
•••••••••••••••
فقد أصبحتْ هذه العبارة المغلوبة على أمرها في خدمة وهم الأنا.
أصبحتْ في جو ملوثاً بإحساس زائف بـ “الأنا” وتحولتَ إلى وضعية ذهنية تشعر فيها “الأنا” بالتلاشي، أو بالإهانة؛ لأن أحداً ما لا يصدق ما قد قلت.
فتأخذ “الأنا” كل شيء على محمل شخصي، وتنشأ المشاعر، والحس الدفاعي، وربما حتى العدوانية.
•••••••••••••••
أتدافع هنا عن الحقيقة؟
بالطبع لا، فالحقيقة لا تحتاج في أي حال من الأحوال إلى دفاع.
بل أنك تدافع عن نفسك، أو عن الوهم الذي لديك حول نفسك.
إنه التعويض الذي اصطنعه العقل، بل أن الوهم يدافع عن نفسه.
فإذا كان مجال الحقائق البسيطة والمباشرة يمكن أن يذعن للتشويه والوهم الأنويين، فكيف سيكون مجال الآراء ووجهات النظر والأحكام، وجميعها أشكال عقلية يمكن ببساطة غرس الإحساس بـ “الأنا” فيها.
•••••••••••••••
هنا يأتي دور الوعي في التخلص من هذا الوهم
ليوضح أنَّ كل”أنا” تخلط بين الآراء ووجهات النظر وبين الحقائق، بل أكثر من ذلك، فهي لا يمكنها أن تميز الفرق بين حدث ما وتفاعلها مع الحدث نفسه.
•••••••••••••••
فكل “أنا” هي كناية عن شامةٍ بارزة في تحيُّز التصور الذهني والتفسير المشوه الذي يقوم على خدمتها بكل طواعية.
فقط من خلال الوعي – لا من خلال الفكر – يمكنك التمييز بين الحقيقة والرأي.
•••••••••••••••
وعبر الوعي تكون قادراً على أن ترى هنا الوضع المعين، وهنالك الغضب الذي أشعر به تجاهه؛ وعندئذ ستدرك أن هناك طرقاً أخرى لرؤية هذا الوضع والتعامل معه.
فعبر الوعي يمكنك رؤية الوضع، أو الشخص بشموليته بدلاً من أن تتبنى منظوراً واحداً محدوداً.
•••••••••••••••
سليمان مُسلِم البلادي
@solimanalbiladi
الحلقات السابقة من روشتة وعي