المرحلة الروحية

تكمن القوة الروحية – بصورة كلية – في الفرد، ولا ترتبط بالقدرة على إرغام الآخرين.

وقد يتصف من يملكون قوة روحية كبيرة بالثراء الروحي والبعد الإنساني.

•••••••••••••••••••

إذن، فيم تتمثل القوة الروحية استناداً إلى أنها لا تتعلق بالقدرة على إرغام الآخرين؟
إنها تتمثل في القدرة على اتخاذ القرارات بالقدر الأكبر من الوعي،بل هي الوعي نفسه.

•••••••••••••••••••

تُعَدُّ تجربة القوة الروحية ممتعة بصورة رئيسة؛ إذ يستمتع المرء حقيقة بما يملكه من قدرة روحية،ولا يوجد ما يرضيه بقدر أن يصبح خبيراً في الحياة،وأن يملك المعرفة بما يقوم به.
لذا؛يُنظر إلى الذين ينمون – أكثر من غيرهم – روحياً بوصفهم خبراء في العيش.

•••••••••••••••••••

توجد متعة أخرى أكبر تتمثل في أننا نصبح قادرين على استيعاب المعرفة التي يهبها القدير سبحانه وتعالى لنا،والاستفادة منها بالقدر الأكبر حين نعرف ما نقوم به حقيقة.

•••••••••••••••••••

والواقع أننا نبلغ أعلى درجات الوعي حين نحيط تماماً بطبيعة ما نمر به من مواقف،وبدوافعنا للتصرف على وفقها وبنتائج أفعالنا وعواقبها؛لتنجح نفسنا الواعية في توظيف المعرفة التي يهبها لنا الخالق عز وجل – إلى أبعد الحدود – نتيجة لذلك.

•••••••••••••••••••

وبوجهٍ عام يتسم الأفراد الذين يبلغون تلك المرحلة من النمو الروحي والوعي الكبير – في الأحوال كلها وبصورة دائمة – بالتواضع الجميل والمعنى النبيل.
ويتمثل أحد مظاهر وعيهم في إدراك أن حكمتهم غير العادية تستمد من لا وعيهم. يحيط أولئك تماماً بالعلاقة التي تربطهم بالجذر،ويدركون أنهم يستمدون معرفتهم منه عبر تلك العلاقة.

•••••••••••••••••••

وتندرج جهودهم للتعلُّم في إطار تلك العلاقة تحديداً، ويدركون أن الجذر (لا وعيهم) لا يتعلق بهم وحدهم،بل بالبشرية جمعاء والحياة برمتها والمعرفة التي يهبها القدير بكليتها.

•••••••••••••••••••

يُجيب المتمكن بحق دائماً حين يُسأل عن مصدر معرفته وقدرته قائلاً:
“إنها ليست قدرتي.ما أملكه من تلك القدرة لا يمثل سوى جزء بسيط من قدرة أكبر بكثير.
لا شكل أكثر من مظهر بسيط للتعبير عنها،
هي ليست قدرتي على الإطلاق “.

•••••••••••••••••••

ووصفنا ذلك التواضع بالجميل؛ذلك أن المتمكن بحق يهمش شعوره بامتلاك المعرفة الذاتية لما يملكه من وعي بالمعرفة التي يهبها القدير،ولا يرغب إلا في أن يكون قناةً لنشر تلك المعرفة.
يسبب تهميش الذات بتلك الطريقة – على الدوام – نوعاً من النشوة بما يماثل تجربة المحبة.

•••••••••••••••••••

أضف إلى ذلك أن المتمكنين بحق لا يشعرون غالباً بالوحدة؛لأنهم يدركون مدى الارتباط بين ذاتهم والمعرفة التي يهبها القدير لهم.

•••••••••••••••••••

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *