إن العلاقة “السليمة” هي وصايا قديمة، وهي المقدمة المنطقية الأساسية للعيش في الحاضر، مما يعني أن نسعى إلى ما هو أكثر نفعاً بالنسبة إلينا جميعاً.
وصف “كارل جونغ” هذا الجزء من أنفسنا بشجرة قديمة ينبغي على أزهارها الحية أن تتعقب أصولها، ومصدر دعمها السري وصولاً إلى جذورها المهملة العميقة داخل الأرض.
إن أحد الآثار المترتبة على انسلاخنا عن الجذور القديمة هو إعاقة دورة تطورنا العاطفي الطبيعية، أو تحويلها إلى مسارات طاقة غير طبيعية.
عندما نشعر بالافتقار إلى التمكين؛ نشعر بحاجة إلى استمداد الطاقة من الآخرين.
من أجل التعويض عن الاعتقاد المترتب على ذلك بوجود خطب ما فينا؛ نقوم بتنمية حافزين عاطفيين يجعلاننا نشعر بالارتياح تجاه أنفسنا، وهما الحاجة إلى استحسان الآخرين، والحاجة إلى التحكم بالآخرين.
يتنكر هذان الحافزان في صورة الحاجة إلى أن نكون على حق دائماً وبدون أخطاء ومسيطرين على من حولنا.
لقد حصل هذا الانحراف في تطورنا العاطفي الطبيعي عندما انغلق جسمنا العاطفي على الخوف.
يتحقق الانعتاق من مشاعر القلق المزعجة من خلال إنشاء علاقات عميقة وسليمة مع الناس.
دون علاقات عميقة كتلك؛ فإننا سوف نقبل من الآخرين استحسانهم المغشوش، والـ ” انتشاء” العاطفي الذي يمنحنا إياه كوننا على حق.
وعادةً تكون استجابة معظم البشر في كثير من الأحيان هي الاستياء.
إذ أن” انتشاءنا” العاطفي ينكمش بفعل اضطراب العلاقة والأذى الحاصل؛ فندخل في دائرة مستمرة من الصعود والهبوط.
ونتيجةً لذلك تزداد حالة الإجهاد وعدم اليقين الناجمة عن نزاعات العلاقة؛ فنُعاني عزلة أشد في حين كان جُلَّ ما نحتاج إليه حقاً هو العلاقات الودية الداعمة.
إن مفتاح تحرير أنفسنا والآخرين من دائرة المأزق الذهني هو الاعتراف بهذه الدائرة ودوافعها الخفية، والالتزام بتطوير المهارات الداخلية والشخصية التي تُعزز وتدعم شبكة الحياة.
يتحقق هذا الاعتراف عندما نُصمم على السماح بكشف أجنداتنا ” الخفية” وإخراجها إلى نور الوعي، فهو السبيل إلى بدء عملية الحل وإنهاء العزلة.
إن اختيار الكف عن التماس القوة لدى الآخرين، والانفتاح على القوة الداخلية لنا هو بداية قبول المسؤولية الشخصية والنضج.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي