ابتكر عضو هيئة التدريس بجامعة ولاية ميشيغان الأمريكية الدكتور ياسر الضامن، إستراتيجية رائدة في العلاج المناعي للسرطان يمكن أن تقلص الأورام وتزيد من المقاومة العلاجية ضد بعض أنواع السرطان.
جاء ذلك خلال بحث نشره مؤخراً في مجلة” Molecular Therapy” التي تصنف كواحدة من أفضل المجلات العلمية المتخصصة في العلاج الجيني والخلوي على مستوى العالم، بعدما استغرق المشروع البحثي نحو عامين، ليكمل بذلك 41 ورقة علمية محكمة منشورة في مجلات عالمية مرموقة، فضلا عن 3 براءات اختراع سابقة مسجلة في هيئة الدواء والغذاء الأمريكية.
وقال الضامن في تصريح لوكالة الأنباء السعودية: “إن الفكرة كلها هي معالجة المرضى من الداخل، وليس بالأدوية للقضاء على السرطان”.
وأضاف: “بناءً على عملي السابق، تم ابتكار طريقة لتسخير جهاز المناعة النشط طبيعيًّا للتحكم في نمو الورم عن طريق تنشيط عمل خلايا محددة في جهاز المناعة، مثل الخلايا القاتلة الطبيعية NK cells، والخلايا المناعية الفطرية، مثل البلاعم والخلايا التغصنية، داخل الأورام”.
وتابع: “هناك خبرات مختبرية متراكمة لأكثر من 20 سنة مع النواقل الفيروسية التي نصنعها لهدف تطوير علاجات جينية ومناعية للسرطان والأمراض المعدية، ونقوم كذلك بتطوير فيروسات معدلة وراثيًّا لاستخدامها كلقاحات علاجية ووقائية للسرطان والأمراض المعدية”.
ومضى يقول: “قمنا في الفترة الأخيرة بتطوير علاج جيني لقتل السرطان باستخدام فيروس (Ad-SLAMF7-Fc) صنع خصيصاً لتثبيط عمل البروتين المثبط SLAMF7 في خلايا الـ T cells، وذلك بهدف قتل الخلايا السرطانية وزيادة الذاكرة المناعية ضد المؤشرات السرطانية داخل الأورام باستخدام نماذج الفئران لسرطان القولون وسرطان الجلد، أظهرنا أنه يمكننا التحكم في نمو الورم وزيادة البقاء على قيد الحياة في الفئران المصابة بهذه الأورام”.
وأشار إلى أن الدراسة أثبتت أنه يمكننا تحفيز السيطرة ومنع انتشار الورم عن طريق تنشيط جهاز المناعة الفطري، مشددًا على أن التقدم في أبحاث السرطان وفهم عمل الجينات وترابطاتها الجزئية أدى إلى تحسينات كبيرة في معدلات البقاء على قيد الحياة، مبينًا أن اليوم، هناك الملايين نجوا من تشخيصهم بسبب الأطباء والعلماء الذين كرسوا حياتهم المهنية لهذا الهدف.
وبين أنه جاري العمل بالفعل على تصميم تجارب مستقبلية تركز على دراسة وفهم عمل جينات محفزة لعمل الخلايا التغصنية البلازمية (pDCs) في الأورام كهدف محتمل آخر مناسب لتسخير الخلايا المناعية في البيئة الميكروية للورم Tumor microenvironment.
من جهة أخرى، كشف الضامن أنه يتعاون مع إحدى الشركات المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي في وادي السيلكون في ولاية كاليفورنيا لاكتشاف علاجات جينية ومناعية، إذ يهدف هذا المشروع لاكتشاف مركبات كيميائية ذات صفة كيميائية دوائية تمكنها من تحفيز عمل بروتينات وجينات معينة في خلايا جهاز المناعة.
ونوَّه بأنه يتم العمل حاليًّا على استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي ودمج أحدث ما توصل له علم الفيزياء والكيمياء الحيوية لغرض اكتشاف مركبات كيميائية ذات صفات دوائية لها القدرة على الارتباط بالبروتينات المستهدفة، وذلك لغرض تحفيز أو منع عمل هذه البروتينات داخل خلايا جهاز المناعة في الكتل السرطانية.
ومضى في هذا الإطار: “لا تزال الأبحاث مستمرة في هذا المشروع، وهدفنا هو تجربة مركبات داخل وسط حيوي (فئران التجارب) والتعاون مع شركات الأدوية لتطوير هذه المركبات واستخدامها كعلاج مناعي ضد السرطان في المستقبل”.
يذكر أن الضامن يشغل إلى جانب مهامه، منصب نائب مدير الأبحاث في كلية الطب في الجامعة، وأشرف على 5 طلاب في مرحلة الدكتوراه، وطالبين في مرحلة الماجستير، وأكثر من 15 طالباً في مرحلة البكالوريوس، كما يستقبل بعض المتدربين لمدة 8 أسابيع من المرحلة الثانوية، بحكم اهتمامه بتدريب باحثين المستقبل في المختبر، محفزًا إياهم بأن صناعة العالم تحتاج وقت طويل، كما شارك في 15 مؤتمرًا على مستوى العالم، وعضوية عدد من اللجان الاستشارية في الجامعة تعمل على تطوير الأبحاث وتبادل الخبرات مع باحثين في دول مثل مصر والبيرو.