جذوة الدرب

هم أهل المعروف ورقائق الطباع وطيب الكلام ، ليسوا في متناول الجميع.. تحتاج الوقت والجهد والمواقف للوصول لأحدهم ، وقد تواجه السقوط ثم النهوض إلى أن تصل.

أحد أهم صنّاع للسعادة.. للبشر
متميزون كونهم خبراء في تنمية القدرات ورفع المعنويات..
لديهم حضور ومكانتهم محفوظة، هم صدر المجلس أينما حلوا..
ولأنه ليس في الوقت متسع..
فالخيارات محدودة للقاء بهم على طريق الحياة..
فإن حظيت بأحدهم.. فإعلم أنك أمسكت بجذوة دربك..

حضورهم في صور مختلفة..
ضياء تصرفاتهم وأفعالهم ينعكس على تعابير وجوهنا وحركات أيدنا ومبسم شفاهنا..
بل هم مما ساقه الله لنا من البشر!، ليمنحونا الأمل والصبر على تقلبات الأيام..
العلاقة بهم في أبهى صورها عندما تكون خالية من تكيسات المناصب وفتنة المال وبعيدة عن سندان المصالح ومطرقة الأهواء..

تالله إن بريقها ولمعانها تراه الأعين وتعيشه الجوارح ويسلب الوجدان بلا إستئذان!
قد يكون من العجب والمفرح أن تأتي في أحد الأبوين أو كلاهما أو في أخ أو اخت.. أو أحد الزوجين.
قد تلتقي بهم على مقاعد الدراسة أو معترك ساحات العمل.

هل تعلم: أن الوقت معهم خارج حسابات الساعة..
وحسابها لدينا بالمواقف والشعور وفيض الحنين..

في هذا السياق: لفت انتباهي عبارة بعثها أحدهم لصديقه في بطاقة تهنئة بيوم ميلاده يفصل بينهما بُعد المكان:
(مواقفك معي خلال سنوات الابتعاث أضحت صورة مماثلة لمواقف الخضر مع سيدنا موسى عليه السلام، ثلاثة أحداث تُتلى إلى أن تقوم الساعة.. ومواقفك معي سأذكرها في كل مجلس).

في كتب الفلاسفة يشارإليهم بكلمات وعبارات مكتظة بالأمل:
فمنهم من يقول هم: النجدة، وآخرون يصفهوهم بأنهم: سبب انبعاث الضوء في الحياة
ومنهم من يقول: معهم وبهم تشعر أن الحياة تحتوي على عدد لا حصر له من الإحتمالات..

جذوة الدرب
هم من يضعون النهاية لكل موقف قد تواجهه، ونهاية ترضيك في أغلب التصرفات..
ميزان حقيقي بين العاطفة والعقل ومرتكز أساسي للسلوك والثقافة والقناعة التي قد تتمتع بها..
معهم ومع مرور الأيام والتقدم في العمر تُبى العواطف ، وتصقل التجارب والخبرات العقل ليكون أكثر نبوغاً..
كما أننا نصنّف الأشياء من حولنا ونفصلها ونحرك التصورات والمفاهيم ونتعامل مع المتغيرات ونتحمل ضغوط الحياة..
لديهم قدرة على تحويل الضجيج إلى نغم وإقناعك أن ما تسمعه هو إستخدام لطبقات الصوت السبعة!
بل وأن التركيبات الكيميائية ستنتج لنا مزيداَ من الإحساس بالطعم والرائحة وطيب المذاق حتى وإن كان الطعم مقزز سيطلق عليها مفردات أقرب للإدراك الحسي وأكثر إثارة لفضولك الغذائي وما (المختصة) في بعض حالتها عنك ببعيد.
هل أدركت الآن إلى أي مدى يتأثر الانسان بخليله وهذا الأثر تراه وتشعر به في نبضات قلبك وتنفس رئتيك ودرجة حرارة جسمك حتى في الطعام والشراب الذي يصل إلى معدتك أما الدماغ والعقل فهناك عرشه فيكون في وخز الشوق ومشاعر القلق وغفلة الادراك.
لقد قيل سابقاً أن العواطف تُصنع وهنا أقول أنها أيضا تُبنى فهي تتأثر بالتجارب والسلوك والأفكار، انتقوا أخلائكم فالمحيط الخارجي لا يرحم (قل لي من صاحبك أقول لك من أنت) كما أن (المرء على دين خليله..) حتى تضع بصمتك في الحياة بصورة صحيحة إختر واعتني بصداقتك.

عبدالله عمر باوشخه

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “جذوة الدرب

نعيمة الرشدان

مقال رائع ومعبّر جداً
سلمت اناملك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *