نسبة 4 %.. كيف أصبحت حلم الناجحين؟!

الكل -في الأغلب- لديه أهدافٌ يود إحرازها، وأحلامٌ يريد تحقيقها، لكن -بصرف النظر عما نحاول أن نُجيّده- إذا كنا نعمل فقط حين تكون الظروف مناسبة، أو حين نشعر بالحماس؛ فلن نصل إلى الاستمرارية الكافية لتحقيق نتائج بارزة.
فمغالبة الذات حين تشعر بالضيق، أو الألم، أو الاستنزاف هو ما يحدث الفارق بين الإنسان المحترف والهاوي.
فالمحترف يتمسك بروتينه اليومي ويلتزم به، بينما الهاوي يسمح لتقلبات الحياة بأن تمنعه من الاستمرار. إنَّ تأمُّل قصص الناجحين يمنحنا منظوراً مدهشاً لما يتطلبه الالتزام بالعادات على المدى الطويل.
وهذا التأمُّل نفسه لتلك القصص؛ يجعل عدة تساؤلات تعتلي مسرح عقولنا، ولعلَّ أبرز هذه التساؤلات:
لماذا يلتزم بعض الناس بعاداتهم، بينما يجد معظمنا صعوبةً في الحفاظ على الدافعية؟
كيف نُصمّمم العادات التي تجتذبنا بدلاً من تلك التي تُنفّرنا؟
والحقيقة أن العلماء عكفوا على دراسة مثل هذه التساؤلات؛ ووجدوا أن أكثر الإجابات رسوخاً هي أن الطريق نحو الحفاظ على الدافعية وتحقيق مستويات عالية من الرغبة، هي العمل على مهام ذات صعوبة مقبولة.
ونقطة الرغبة المثالية تتحقق حين تكون احتمالات النجاح والفشل متساوية. ففي نصف المرات ستحصل على ما تريد، وفي النصف الآخر لن تحصل عليه.
وأنت هنا بحاجة إلى قدرٍ كافٍ من المكاسب؛ كي تشعر بالإشباع، وإلى القدر نفسه من الافتقار؛ كي تشعر بالرغبة، وهذا بدوره يجعل منسوب الملل منخفضاً بشكلٍ واضح، والذي يُعدُّ العدو الأكبر في رحلة تحسين حياتنا.
فالتحفيز الأقصى يحدث حين تواجه تحدياً ذا صعوبة مقبولة، وهو المستوى المثالي من الحماس الذي يقع كنقطةٍ وسطى بين الملل والرغبة.
والوصول إلى هذه النقطة الوسطى يسمح بحالة من التدفُّق من الانسياب والانهماك أثناء ممارسة النشاط الذي نريد إنجازه.
وهذا الشعور بالتدفُّق يحدث عندما تكون المهمة التي نقوم بها أصعب بنحو 4% من قدراتنا الحالية.
وهذه النسبة كفيلة بدفعك إلى منطقةٍ آمنةٍ؛ فلا تشعر بالإحباط؛ لأن المهمة المراد إنجازها تفوق قدراتك بشكلٍ كبير، ولا تشعر بالملل؛ لأن العمل الذي تباشره أقل بكثير من قدراتك، ويفتقر إلى التجديد.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *