قريبًا مِنْ .. بعيدًا عَنْ!

تحتلُّ الذكريات مساحةً من ذاكرتنا، سواءً السعيدة منها، أو الحزينة.
فالجميلة منها، تمنحنا دَفْقاً من النشوة والجمال في رحلة الحياة.
في المقابل، تتزاحم الذكريات الأليمة بداخلنا، وتشحن الضغائن صدورنا بالمزيد من الرغبة في الانتقام، وتُثْقلُ المشاعر السلبية خطواتنا عند السير في ممرات طرقاتنا، بل وتُكَبْلُ أقدامنا وحواسنا عندما نريد مصافحة الحياة.
وقد تتفوق الذكريات الأليمة في التهام لحظاتنا، والاستحواذ على كيكة أفراحنا؛ لأنها تأتي مشحونة عاطفياً؛ فهي تقتات على الشحنات العاطفية، وتتغذَّى على الندوب التي تركتها على جسد مشاعرنا.
ولعلَّ هذا يقودنا إلى ضرورة الوعي بالمشاعر التي ترافقنا باستمرار، وتلازمنا في أغلب ساعات يومنا؛ ذلك أن ‏الوعي بمشاعرنا؛ يمنحها قوة الحضور، ورفاهية التلاشي.
فلا الندم على ما فات؛يفيدنا، ولا التطلُّع إلى عودة غائبٍ؛ يمنحه القدرة على حزْم حقائب عودته.
فالندم رفيق سُوءٍ، وغير مرغوب فيه، فلا تمنحه المكان لمصاحبتك، ولا تعطيه الإذن لملازمتك.
إن معرفة الإنسان بنفسه، وتحديد نسبة تواجده في منطقتي “قريباً مِنْ، وبعيداً عَنْ” الذكريات، ومدى استحواذ أي نوع من الذكريات على خارطة ذاكرته، ومساحة مشاعره؛ يُعدُّ الخطوة الأولى في مرحلة التحرُّر النفسي، ومن ثم العمل على تجاوز الأزمة الشعورية التي تنتج عن البقاء رهْن تجربة بعينها.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *