كيف نتجاوز مشاعرنا وذكرياتنا الحزينة؟

في مرحلةٍ ما، قد يَجدُّ الإنسان نفسه يعيش في دوامةٍ من المشاعر المؤلمة تولَّدتْ عن تجارب سيئة، أو ربما ترتبت على إحباطات متتالية.
وقد يزداد الألم تدريجياً مع تنامي مشاعر الغضب، والندم، واليأس؛ حينما تزداد الأزمات والضغوط صعوبةً يوماً بعد يوم.
لكننا بمجرد أن نعزل أنفسنا عن تلك المشاعر السلبية، وننظر عن بُعْد إلى تلك الإحباطات والذكريات المؤلمة. فحين ننفصل عن تلك المشاعر، ونُفرّغ تلك المنطقة المظلمة في رؤوسنا من محتوياتها؛ فإننا نتخفَّف من الأعباء ونتحرك للأمام نحو أهدافنا.
ويظل أهم سؤال -في هذه المرحلة- نحتاج أن نُجيّب عنه: كيف يمكننا تجاوز تلك المشاعر؟
يبدو هذا السؤال بسيطاً كأنه جملة دعائية، لكنه عميق يلخص أهمية أن يعيش الإنسان سعيداً بمعزل عن الضغوط، في الوقت الذي من الصعب أن تنصح شخصاً يعاني من ذكريات أليمة بأن علاجه فقط إذا بدأ في التوقف عن القلق.
ويعتبر معرفة السر وراء مقاومة العقل لفكرة التجاوز، المنطلق الأساسي للتجاوز؛ لأن تعديل مسار هذه الآلية يُعدُّ بمثابة عنصر جوهري لإنجاح عملية التخلُّص من الألم بالتجاوز.
ويمكن للإنسان تحقيق هدفه إذا اتَّبع القواعد الذهبية لتحقيق التجاوز كما ذكرها (ديمون زهاريادس) في كتابه “سيكولوجية الرحيل” ، وأولى هذه القواعد،عَقْد النية الصادقة لاتخاذ قرار التجاوز، والقاعدة الثانية، قدرتنا على فهم وتقييم وإدارة حالتنا الشعورية، وثالث هذه القواعد، إيجاد مُتنفّس للمشاعر السلبية، ورابعها معرفة ما يُشبع احتياجاتنا حقيقيةً، وخامسها تحديد غايتنا بوضوح، وسادس هذه القواعد الاعتراف بالألم النفسي،فبدلاً من أن نتجنب مواجهته خوفاً من الانهيار أمامه، يمكننا أن نتفهم معاناتنا، ونتقبلها ونتصالح معها، ونسامح أنفسنا، ونتجاوز الظروف التي أدَّت إليها، مع أهمية استخلاص الدروس المستفادة منها،وسابع هذه القواعد، إدراك وهْم المثالية، وثامنها ضرورة التخلّي عن الكبرياء، وإبداله بالتواضع، وتاسع هذه القواعد التوقف عن حرصنا على تحقيق الصورة الإيجابية عنا في أذهان الناس، وعاشرها التدقيق في أساليبنا عند اتخاذ القرارات، والقاعدة الحادية عشرة تذهب إلى تشخيص شعورنا بالكسل، وتتضمن القاعدة الثانية عشرة التدريب على التعبير عن الامتنان للنعم في حياتنا مهما كانت بسيطة وعادية، إضافةً إلى ضرورة أن نتحمَّل مسؤولية مشكلاتنا العالقة، والتخلُّص من الرغبة في إحكام سيطرتنا على كل شيء، وأن تُبْنى علاقاتنا على التكامل والتشارك، لا التنافس والندية والتحدي، والقاعدة السادسة عشرة والأخيرة، أن نتعلّم التسامح مع أنفسنا والآخرين؛ حيث تنشأ الغالبية العظمى من المشاعر السلبية عن ظلم الآخرين لنا، ولا سبيل للخروج من نفق تلك المشاعر إلَّا عبر ترويض أنفسنا وحملها على التسامح.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “كيف نتجاوز مشاعرنا وذكرياتنا الحزينة؟

أحمدبن مهنا الصحفي - أم الجرم

المشغول بذكرياته كالذي يمشي إلى الأمام ووجهه ملتفت إلى الخلف ! فلا يرى الجديد في حياته ومنشغل بتكرار أحداث ماضية ذهنيا فقط … فما فات فات !

هذه مقالة قيمة تحرك الفكر نحو المعالجة …شكرا للكاتب أ. سليمان
فالفكر هو الذي يقود وهو الذي يصبغ حياة الإنسان بالإيجابية أو السلبية .. وما أعظم الحديث الذي ورد فيه (رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا) من فهمه وجد فيه العلاج من كل كدر والكسب لكل خير..

سليمان مُسْلِم البلادي

تشبيهٌ فريد؛شَخَّصَّ موضع الألم.
عناقيدٌ من الشكر لكلماتك وشخصكم الكريم أستاذنا الفاضل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *