مواسم الخير هلّت

إن من عظمة هذا الدين الإسلامي الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لعباده رأفةً بهم وحدباً عليهم ولطفاً بضعفهم واحتياجهم وحاجاتهم إليه سبحانه فهو الذي خلقهم وأعلم بما في ضمائرهم وخفايا أنفسهم وسرائرهم بهذا كله وغيره اختار لهم بعد أن هداهم رشدهم إلى دينه القويم اختار لهم مواسم الخيرات التي ينزل فيها البركات عليهم برغم أنهم طوال عامهم بما فيه أيام وسعات ودقائق وثواني وكل لحظة فيه هم يرفلون ويتقلبون في نعم الله التي لا تحصى ولا تعد ورحماته ولكن زيادة على ذلك اختار لهم أوقات وأشهر ومنها شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن أعظم كتاب أنزله على بشر أنزله في شهره الكريم هذا ورمضان مترع ومليئ بالبركات منذ أول ليلة فيه إلى آخر ساعة فيه، فيه صيام نهاره وقيام ليله ، فيه يتراحم الناس فيما بينهم لأن من حكمة صيام رمضان أن يحس غني المسلمين بفقيرهم وجائعهم فتحنوا القلوب وترق الأنفس وتفيض المشاعر الإنسانية بالرحمة والعطف ومن رحمة الله بعباده أن جعل الإنسان طوال عامه في عبادة ربه وخالقه كما قال في محكم التنزيل ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ ، واليقين هو الموت الذي كتبه الله على كل الخلائق فلا مفر منه لذلك وجب على الانسان أن يكون في عبادة ربه على الدوام حتى وإن اخذ بعضاً من اللهو المباح فعليه العودة سريعاً الى خالقه.

فها هو رمضان أقبل علينا ببشاراته ورحماته وبركاته فعلينا أن نستعد له ونطلب عون الله وتوفيقه فبدون عون الله لا يستطيع الانسان فعل شيء أبداً فهو المعين والمستعان سبحانه نعم هذا أحد مواسم الخير بل من أعظمها فما بال قوم اتخذوا هذا الشهر الكريم لإفراغ شهوات البطن والنفس فأخرجوا هذا الشهر من مضمونه وما أنزل الله فيه من حكمة فكما يستعيد الموفقون لصيامه وقيامه كذلك يفعل الذين جانبهم الصواب فهم يقضون الأشهر قبل رمضان يستعدون فيه لما يقدمونه في هذا الشهر من لهوٍ ولعبٍ ومسلسلات بعدما استعدوا فيه من تكديس لأنواع من أطايب الطعام والشراب الذي يفيض عن حاجاتهم وكأنهم كانوا طوال عامهم في جوع ثم قيل لهم آن الأوان لكي تأكلوا فإذا بموائد الطعام تمتد وهذا الأمر أذكر به نفسي قبل غيري وعلينا أن نتواصى بالحق والصبر فكلنا ذلك المقصر نسأل الله العفو والمغفرة، وعجب والله أمر بني آدم فقلما يتقيد بأوامر ربه ولم يعكسها ويخالفها واذا سألت أحدهم لم أنت في لهو في شهر العبادة هذا الذي انما هو أيام معدودات قال لك لأضيع الوقت وكأن هناك وقت في عمر بني آدم وأن عمره القصير مزدحم بالأوقات حتى يقوم بضياعه وإنفاقه فيما لا طائل منه وحتما سيندم الانسان حين ينتهي اجله ثم يقف بين يدي خالقه فيجد ذلك الوقت الذي اضاعه ويتمنى لو أنه ملأه بتسبيحة أو تحميدة أذ ذكر من الاذكار أوصلاة أو قراءة ما تيسر من القرآن الكريم ولكن لا ينفع الندم حينذاك وصدق من قال :-

أما والله لو علم الأنامُ
لِما خُلقوا لَما غفلوا وناموا

********

لقد خُلقوا لأمر لو رأته
عيون قلوبهم تاهوا وهاموا

********

ممات ثم قبر ثم حشـر
وتوبيخ وأهوال عظام

********

ليوم الحشـر قد عملت رجال
فصلوا من مخافته وصاموا

********

ونحن إذا أُمرنا أو نهينا
كأهل رالكهف أيقاظ نيامُ “

فاللهم ردنا اليك ردا جميلا وتجاوز عن تقصيرنا وهفواتنا وذنوبنا وتقبل منا الصيام والقيام وسائر الاعمال وتوفنا وأنت راضٍ عنا غير غصبان فنحن عبيدك وانت أعلم بضعفنا وحاجتنا الى عونك وتوفيقك ورحمتك وارحم اللهم آبائنا وأمهاتنا وامواتنا جميعا واجمعنا بهم في مستقر رحمتك يا أكرم الاكرمين.

إبراهيم يحيى ابو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *