تأتي القصص في صورة نثر، ويُعبَّر عنها بأسلوب السَّرد أو الحكاية، وتحتوي على أحداثٍ حقيقية أو خيالية تحمل فكرةً معينة تتقمَّصُّ شخوص تلك الأحداث.
وهي في ذلك كله تأتي لأجل مجموعة من الأغراض تختلف باختلاف القصة والجمهور المستهدف، وتكون غايتها الترفيه والتسلية، أو تقديم النصح والإرشاد، وأخذ الموعظة والعبرة، ونقل القيم والدروس، والإلهام والتحفيز، وحفظ المعرفة والتاريخ.
ويبدو أننا أمام أغراض القصص وأهدافها؛ استهوتنا التسلية، وطلب المتعة، وأقمنا عندها، ونزلنا بديارها، ولم نبرح حدود خيامها؛ فلم ننتقل إلى بقية تلك الأغراض، بل أننا زهدنا فيها.
ولعلَّ المنهج القرآني رسم لنا طريقاً واضح المعالم في كيفية التعامل مع القصص، ولا أدلَّ من ذلك قوله تعالى:
﴿لَقَد كانَ في قَصَصِهِم عِبرَةٌ لِأُولِي الأَلبابِ﴾
﴿ فَاقصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرونَ﴾
والمتأمل للمشهد؛ يجد أنه على الرغم أنه تم خلْق القصص لإيقاظ عقولنا، وابقاء قلوبنا في حالة من التدبر والتبصر، إلَّا أنه تم اختزالها لجلْب النوم، وطلب الدعة والراحة، وتزجية الوقت بالتَّفكُّه والمُلَح.
ونحن في ذهابنا نحو هذا الاختزال، ظننا أن مجرد الأحلام، والأماني نحن من يصنعها، ولم نعي أننا بهذا الفعل؛ إنما سنظل مكاننا نفسه، ثم تُبنى على تلك الأحلام عناكب ظنوننا، ولن نستطيع مغادرة غرفتنا إلى العالم الفسيح من حولنا إنْ لم ننظر إلى تلك القصص على أنها نوافذ مُشّْرَعة تُطلُّ على عالَمٍ يحتاج واقعه الكثير من التفكُّر، والعمل والمثابرة لتحقيق أحلامه، وليس باستخدام قصصه كمسكنٍ لآلام أحداثه، أو استخدامها كجالبٍ للنوم كل ليلةٍ.
وليس معنى ذلك أن يقضي الإنسان كل وقته يستخرج المعنى من كل قصةٍ عابرة؛ حتى لا تُمسي حياته مقيدةً بالجدية المفرطة، ولا مثقلة بالكآبة؛ وحتى لا تكون عيناه مِرآة للواقع يتجنبها جبناء الحقيقة.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي