كيف نصبح أطفالاً؟!

في ثقافتنا السائدة تعودنا أن الأطفال يتعلمون من الكبار، وقد يتخذونهم قدوة لهم في قادم سنوات حياتهم.
ولكن ماذا لو نظرنا إلى هذه الصورة النمطية من زاوية قد تبدو غير مألوفة، وهي أن الكبار يمكنهم التعلُّم من الصغار، بل ويستلهمون براءة أفعالهم.
‏ فالإنسان يبلغ رشده؛ حين يرى الأشياء بعيون الأطفال. عندها فقط؛ يعيش براءة الظنون.
إن العيش كالأطفال لا يعني التخلّي عن المسؤوليات، أو النضج، بل هو استعادة الصفات البريئة والبسيطة التي يتمتع بها الأطفال.
كذلك لا يعني أننا أُصبنا بعوزٍ في مقدار تحليّنا بالشجاعة، والجسارة الكافية لمواجهة صروف الحياة، بل يعني أننا بحاجةٍ إلى مواجهة تلك الصروف بعقلٍ رشيد، وقلبٍ نقيٍّ كبراءة الأطفال.
إن الهدف ليس أن “نصبح أطفالاً”،بل أن نستعيد براءتهم، وفرحتهم، وقدرتهم على رؤية الحياة ببساطة ودهشة.
إننا يمكن أن نتعلم من الأطفال أشياء عميقة رغم بساطتها، وإذا تأملناها بصدق؛ نجد أنها مفاتيح لحياةٍ أكثر راحةً وسلاماً.
فالأطفال أساتذة الحياة الصغار، يُعلموننا ما ننساه حين نكبر.
ومما يمكن أن نتعلمه من الأطفال، العيْش في الحاضر من خلال التركيز على اللحظة الحالية، والاستمتاع بها دون أن نشغل بالنا بما مضى، أو بما سيأتي.
كذلك يمكننا تعلُّم الفرح بالأشياء الصغيرة من خلال ملاحظة النِعم الصغيرة من حولنا، والسماح لأنفسنا أن تفرح بها دون خجل.
ومما نتعلّمه من الأطفال، العفوية، عبر الصدق مع أنفسنا، والتعبير عن مشاعرنا بصدق، والتوقُّف عن التفكير الزائد في “ما الذي سيقوله الناس؟”
ويمكننا أنْ نتعلّم أيضاً، الغفران السريع، من خلال محاولة دفْع النفس على التسامح والتجاوز، مع أخْذ الحيطة والحذر، ومحاولة التخفيف من حمْل الضغائن.
ومما يمكننا تعلُّمه ممارسة اللعب والحركة، من خلال تخصيص وقت للرياضة والهوايات، والألعاب الذهنية والشعبية.
ولعلنا نتعلّم من الأطفال الإبداع والتخيُّل، من خلال السماح لأنفسنا أن تحلم، وتتخيّل حتى في أبسط الأشياء.
كذلك يمكننا أن نتعلّم طلب المساعدة بدون خجل، فلا بأس أن تقول: “أنا لا أعرف” أو “أحتاج مساعدة”
أيضاً نتعلّم منهم، مهارة البدء من جديد، عبر إدراكنا أن الفشل ليس نهاية، بل مرحلة نمرّ بها، ونواصل بعدها الحياة.
ويمكننا أن نتعلّم من الأطفال، الاستسلام الطبيعي لما هو خارج إرادتنا، فنأخذ منهم أننا لا نُهدر طاقتنا فيما لا نتحكّم به، بل علينا الانتقال للضفة الأخرى من نهر الحياة الذي نشعر فيه بالأمان والراحة والقوة على صُنْع أهدافنا.
وأخيراً،يبدو أنها دورة الحياة تُعيّد نفسها من خلال أعمارنا، عبر حاجتنا إلى رحمٍ يُعيّدنا إلى سيرتنا الأولى حتى وإنْ بلغنا من العمر عتيّا، فلقد كانت نفوسنا رحِمْاً مُنْبَثّاً.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *