يتفاوت الناس في ردود أفعالهم تجاه الأحداث التي تمر بهم.
فليس شرطاً أن لكل فعل ردة الفعل بالمعنى الفيزيائي الشائع في ثقافتنا، بل يمكن أن يكون رد الفعل هو التجاهل مرةً، أو بالتغافل تارةً، أو بالتغابي حيناً.
ويمكن القول أن إحدى هذه الثلاث هو ردٌّ بحد ذاته، فعدم الرد هو رد قائم بنفسه.
ولعلَّ أكثر ما يدفع الناس إلى ردة الفعل اللحظية أمران:
الأول، ما تم تخزينه في الذاكرة البعيدة “اللاوعي” فتظهر على السطح، وتطفو عبر السلوك.
الثاني، أن أغلب الناس تجعل ما يقوله الآخرون عنهم – حينما يتعرضون للإساءة- موضع الصدارة في اهتماماتهم.
والتغابي لا يمكن تعميمه بالمطلق،فليس من الحكمة أن نُفعِّل أيقونة التغابي عند كل إساءة، بل الحكمة تقتضي مراعاة مقتضى الحال، والسياق الذي جرت فيه الإساءة، وكذلك النظرة الشمولية لنتيجة ردة الفعل، فهل ستزيد ردة فعلنا من منسوب الإساءة، أم تعمل على خفْضها وإخماد نارها.
وتتم معالجة الأمر الأول، عبر الوعي باللاوعي وهي “الذاكرة المضمرة” داخل ثقافتنا الذاتية، وهذه الذاكرة هي التي تُغذّي سلوكياتنا، وتدفع بها إلى مسرح الأحداث.
أما معالجة الأمر الثاني، فيكون عبر زيادة جرعة الثقة بالنفس دون إفراط ولا تفريط، والوعي بالدور الذي يقوم به “النسق المضمر” في توجيه بوصلة أفعالنا، وتحكيم سلوكنا من خلال محكَّات دينية معتدلة تُراعي العُرف، والذوق العام، والأدب الجمّ، والنُبْل الخالصّ.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي