يبدو أن الإعلام الجديد قد بدأ في فرْض هيمنته على المشهد الحياتي بكافة مجالاته، واستولى على ساحته بفضل الأدوات التي يمتلكها.
ولذا بات أمراً مقضياً للأفراد، أو المؤسسات التعامل معه لنشر محتواها عبر استخدام منصاته المختلفة.
في المقابل، بات لتلك الجهات سواءً فردية، أو غيرها خطة واضحة للاستفادة من تلك المنصات؛ إيماناً منها بأن ضمان نجاح نشْر محتواها مرهون بالانخراط في حراك الإعلام الجديد.
وهذه الهيمنة فرضتْ علينا أن نتعامل مع هذا الواقع الجديد بكل معطياته، ومع كل ما تفرزه من مظاهر اجتماعية.
ويعود الفضل لهذه السيادة؛ لطبيعة الإعلام الجديد القائمة على التفاعل، والتخصيص، وسرعة الوصول، واستخدام الوسائط المتعددة؛ لتمكين الجمهور من المشاركة الفعَّالة بدلاً من مجرد التلقي السلبي.
وهذا التطور المفاهيمي الذي أوجده الإعلام الجديد لنفسه؛ جعل مرسل الرسالة الإعلامية يتحرر من القيود، وتطلَّب هذا الخروج إعادة الأمور إلى نصابها.
ولا يمكن لنا الاستفادة من الإعلام الجديد واستثمار منصاته بشكلٍ مفيد إذا نظرنا إليه وكأنه يروي قصص أُمُّنَا الغُوُّلة التي تُفْزعُ أفئدة أطفالنا، وكغولٍ يلتهم عقول صغارنا، ويعبث بوقار كبارنا،وتمت شيطنته كمعْول هدمٍ لقيمنا، وكشيطانٍ يتخطّف أرواحنا، وككابوسٍ مخيف يقضُّ مضاجعنا.
لذا؛علينا أن ننظر إليه كأداةٍ يمكن تطويعها لترسيخ قيم الخير والنماء والازدهار.
وقد عملت المملكة العربية السعودية على تطويع الإعلام الجديد؛ ليتوافق مع مرحلة التحول الوطني من خلال جانبين، أولهما، الاهتمام بالإنسان، عبر زرْع مبدأ الرقابة الذاتية، وبناء المواطن الصالح الذي يؤمن بأهمية صدق، وخيرية الكلمة، وثانيهما، الاهتمام بالمحتوى من خلال نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
ويمكن لنا الاستفادة من هذا التطويع الواعي من خلال العمل على صناعة وتجويد المحتوى بدلاً من الوقوف عند حدود قائمة المحظورات التي أعلنتها الهيئة العامة لتنظيم الإعلام،ويمكن اتخاذ -جائزة صناعة المحتوى التي تنظمها إمارة منطقة القصيم- إنموذجاً، حيث تعمل هذه الجائزة عبر مساراتها الأربعة على تشجيع وتحفيز صناعة المحتوى الهادف والبنَّاء.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي