اهتزت غران بجميع أطيافها لفقدان حكيمها صالح بن حميد الذي من النادر أن يكون هناك مجلس صلح لا يكون طرفاً فيه.
عرفت الرجل جاراً عزيزاً لنا وكنت أعرفه منذ طفولتي في دكانه المتواضع في سوق الغبة ولم أشاهده غضباناً إلا في الحق ..
يرجع له معظم أهالي غران ، ومعظم أراؤه وأحكامه تلاقي استحسان جميع الأطراف لدرجة أن من لم يعجبه حكمه أو رأيه يخشى من لوم باقي الأهالي ، ولاحظ أنني لم أقل “الصحاف” فقط ، لأنه – رحمه الله – صيته وصل لخارج غران ولقبائل أخرى.
حتى لو كان لك حق عند أهل المنطقه وأنت من خارجها ، كان يقف معك وينتزعه انتزاعاً … مات أبو عمر وهو يتوضأ كما روي لي ، وإن شاء الله تكون له من علامة حسن الخاتمة.
منذ أكثر من عشرين سنه ترك دكانه في السوق واتجه لمزرعته التي لا تبعد عنه كثيراً ، فتبعه أهل غران بمشاكلهم وقضاياهم إلى هناك .. وأتوقع أنه حل أكثر من ألف قضية وخلاف بين أهل المنطقة.
يقول عن نفسه لدي ثوبان في المزرعة كلما جاني شاكياً نزعت ثوب المزرعة ولبست الثوب الآخر وذهبت معه إلى خصومه .
كان رحمه الله شديد في الحق ، حضرت في يوم من الأيام وهو يقسم مزرعة بين يتيم وعمه ، فلم يرضى حتى أعطى اليتيم أفضل جزء من المزرعة .
أبو عمر لم يكن من أغنياء المنطقة و لا حتى شيخ قبيلة ، لكن كان له في كل بيت دعوة صالحة يحتاجها الآن ... رحمه الله رحمة واسعة ، وأحسن الله عزاء أهله وأبناء غران فيه .. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
عبدالله محمد الصحفي
مقالات سابقة للكاتب