رسالة في زجاجة ..

على شاطئ البحر الهادئ والموجة تلاعب موجة والشمس تستأذن بالغروب ، وقفت وحيداً أتحدث إلى حبيبتي مردداً :
لا تُـخـف ما صـنـعـت بـك الاشـواق واشــرح هــواك فـكلـنـا عــشـاقُ
فعسى يعينك من شكوت له الهوى فـي حـمـلـه فـالـعـاشـقـون رفـاقُ

ومضى الوقت وحل الظلام ومع الليل تطول المسافات وتعظم النداءات تخفي نبض مشاعر القلوب ولكن هيهات أن تخفي محبوبة يحيط حبها بك من جميع الجهات فلا تسألوني عنها فكل حروف اللغة وكل لغات العشق ستخبركم أنها خليص ، وكفى بذكرها رواية تدعو القلم للكتابة والورق ليحمل ما يسطره القلم وتدعوني لحظات التأمل في خالق الكون ومدبر أمره الذي خلق الإنسان وهيأ له المكان ليتسابق في الميدان :
أنـت فـي الناس تـقاس بالـذي اخــتـرت خليلا
فأصـحـب الأخـيار تعلو وتـنـل ذكــرا جـميلا

ومن هنا بدأت أكتب الرسالة نعم سأكتب إليك أنت يا من ملكتي نبضي ووجداني وأسرتي قلبي ولساني .. أكتب إليك عن مشروع تبناه مهندس البناء ورجل الوفاء الذي عهدناه للجميل معطاء فجاء بمشروع ( كيف نكون قدوة ) امتداداً وشهادة لما يحمله قلبه من حب ووفاء لمملكة الإنسانية فهنيئاً لمكة المكرمة ولنا به.

أما أنت يا خليص وأواه يا خليص بنظرة متأنية إلى واقعك وإلى حالك نظرة تحترم من في الميدان ولكنها تشخص واقعاً مؤلماً حينما تتفقد تاريخك المسطور بكتب التاريخ … وحين تتفقد مشاريعك التنموية وتقارنها بمثيلاتها … وحين تتفقد أحوال مجتمع يفتقد إلى مقومات البناء المرصوص … وتتفقد مفاتيح البناء حتماً ستكون النتيجة في كل مرة تؤكد أنك تعيشي أزمة غياب للقدوة التي تأخذ بيدك إلى ضفاف التقدم ومنابر العلو وبلا شك تفتقدي معها مقومات القدوة كالإخلاص والنزاهة ..

ألا توافقيني بأنك بحاجة إلى هذا المشروع لتشرقي كالشمس وتضيء كالقمر وتبتسمي ابتسامة أرضك بعد سقوط المطر
أما تدري أبانا كل فرع يجاري بالخطر من أدبوه
وينشأ ناشـئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه

إن الله الذي خلق الإنسان وضع أمامه النجدين إما طريق الرشاد وإما طريق الفساد ، ولكل فئة قدوة يقتدى بخطواتها ومن موجبات الشكر نعمة أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لنا قدوة نتأسى بأخلاقه وأفعاله وكل أحواله: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا}.ولكن مع تزاحم فرضيات التحديات المعاصرة وما يقدمه الإعلام الجديد الذي يفرض أنماطاً لتربية الأبناء وتقديمه للكثير من القدوات السيئة ، لابد أن نحرص على إيجاد النماذج للقدوات الحسنة ويأتي في مقدمتها سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي تمثل سيرته قدوة لنا كقائد بناء وكأب وأخ وصديق حمل هم مجتمعه وأثر فيه وسير أصحابه والناجحين ليخرج أبناؤنا من حياة واقعنا إلى حياة ما يجب أن يكون عليه واقعنا … حينها سيعلموا معنى قول الله تعالى: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}.ولن يكون لك ما تريدين حبيبتي قبل أن يصنع أبناؤك هدفهم ولن يتحقق الهدف ويعلو مقامك قبل أن تستنهضي همم أبنائك وتعلي أمنياتهم فبهم يبنى مستقبلك وبهم ستكوني قدوة لغيرك.

نقطة على السطر :
إلى مكتب التعليم وجمعية مراكز الأحياء بمحافظة خليص :
بعد الشكر لكل ما تقدمونه والتشرف بانتسابي إليكما .. مشروع “كيف نكون قدوة” مشروع بناء لقيم الدين الذي اختارنا الله بأن نكون أهله ولكن ستظل هذه القيم والمثل العليا والمشاريع الجميلة حقائق لا فائدة لها إلا إذا أثـمرت بتحول المكتوب في الورق إلى أنموذج عملي في حياة البشر يؤثر في تصرفاتهم وسلوكياتهم …… وقبل شروق الشمس توقفت عن الكتابة وطويت رسالتي وأدخلتها زجاجة كانت بيدي ورميتها في البحر متسائلاً من سيجدها ؟ ومن سيفتحها و من سيقرأها ؟ ومتى أرى المكتوب واقعاً ملموساً ؟.

عبدالرحيم نافع الصبحي

مقالات سابقة للكاتب

4 تعليق على “رسالة في زجاجة ..

ابراهيم مهنا

عندما يعمل ابناء المجتمع له ، ويرفضون من يتوان عنه ، فحينها ستجد الرسالة من يحملها ،
والقدوة الصالحة تؤتي أكلها ، فلامكان حينها للمخذلين ولا المثبطين.
دمت بود أيها الزميل الفاضل والكاتب الغيور .

أحمد مهنا

بمثلك وبمثل هذا الطرح يتحقق شيء كثير ..
والحمدلله النشاط الاجتماعي في محافظتنا وافر ومبشر وأتفاءل جدا بتنمية أكثر نجاحا ، مقالك جميل يا أبا أوس! شكرا لك

عبدالرحيم الصبحي ـ أبو أوس

إلى من تخجل الكلمات حين تنثر شكرا لمرورهم ومشاركتي ما كتبت
إليكما أستاذي أبا رائد وأستاذي أبا معاذ لا أملك لكما من الكتابة إلا قول الشاعر محمد الجواهي :
شـكـرا جزيــلا لأفــواه تـعطرني بكل ممـتــدح الأسلــوب حـسـان
ريـانــة بـمــذاب العاطـفـات أتــت تسعى لقلب من الإخلاص ريـان
ولو تمكنت قدمت الفؤاد لكم لكـن تقديــم إحـسـاني بإمكاني

نويفعة الصحفي

  ( “كيف نكون قدوة” مشروع بناء لقيم الدين الذي اختارنا الله بأن نكون أهله ولكن ستظل هذه القيم والمثل العليا والمشاريع الجميلة حقائق لا فائدة لها إلا إذا أثـمرت بتحول المكتوب في الورق إلى أنموذج عملي في حياة البشر يؤثر في تصرفاتهم وسلوكياتهم ……)
كلمات سطرت هنا إلا أنها لامست عقولنا وقلوبنا ، لتؤكد حقيقة من أجلها تبنى سمو سيدي الأمير خالد الفيصل مشروع القدوة ، في كونها هي المحرك والدافع للإنسان ليرتقي بذاته ، ممارسة ، وفعل ، وسلوك حسن ، حتى يستطيع أن يحقق الأثر الإيجابي في حياة الأخرين ،.وأبناء هذه البلاد حباهم الله الكثير من المقومات المعينة على أن تكون حياتهم وفق المنهج الرباني تأسيا برسولنا الكريم صل الله عليه وسلم فالحمدلله من قبل ومن بعد .
شكرا لك أ. عبدالرحيم بورك الفكر والقلم .و الشكر لصحيفتنا الرائدة في طرحها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *