هم أشخاص يحملون بداخلهم قلوب تعشق الحياة بكل تفاصيلها، ينامون بسعادة عارمة تسكن صدورهم،لأنهم لا يحملون حقدا بدواخلهم.. الذين أتحدث عنهم هم أصحاب السعادة، أصحاب السعادة يهتمون بكل تفاصيل الحياة وخاصة تلك التي تهم من حولهم من أصدقائهم ومعارفهم ويشاركونهم كل اللحظات السعيدة لهم،ولا يحتقرون منها لحظة أو حدث مهما كان صغيرا، ويساهمون بكل ما يملكون من مال فهم يعلمون أن المال لسعادة الإنسان وجد لا لتعاسته.
وفي الحقيقة أيضا هم أشخاص عباقرة بمعنى الكلمة، فهم قد فهموا الحياة بصورتها الحقيقة، وصورتها الحقيقة تكمن في بساطتها، ولا يحملون أنفسهم فوق طاقتها، من هموم الدنيا ومشاكلها، فهم يعلمون أن الهموم والمشاكل هي فترة من فترات الحياة وليست الحياة بأكلمها، ويعلمون أنهم فيها ضيوف فكيف للضيف أن يعبس وجهه بوجه مضيفه، وهي الدنيا التي نعيشها، ويستمتعون بكل مافيها من جماليات بسيطة، فربما يسعدهم قراءة كتاب، أو سماع موسيقى هادئة، أو ممارسة رياضة المشي في أجواء هادئة لا يصنعها الطقس بل يصنعها مزاجهم السعيد، الذي لا يتعكر مع الأيام وتقلباتها اليومية واللحظية.
وتجدهم عند المصائب يتمالكون أعصابهم ويبحثون عن حلول لها،ولا يجعلونها تسيطر عليهم بل يسيطرون عليها، أصحاب السعادة هم مجموعة من البشر اتفقوا دون اجتماع رغم اختلاف ألوانهم، واتفقوا أن السعادة لوحة فنية جملية لا يبرع أهم الرسامين التاريخين برسمها ولا يسيتطع أكبر الكتاب والأدباء نثرها كلمات على ورقهم، فهي شعور عظيم، يجعل من الإنسان يسعد كل من حوله، ويجعلهم يشعرون بسعادة رائعة تسكن قلوبهم وهم معه وحتى بعد أن يفارقوه للقاء آخر.
وأصحاب السعادة يعلمون أن ذكراهم ستظل بعد موتهم تحيط بها هالة من الحب واللحظات السعيدة التي قضوها مع من يحبون من زوجاتهم وأبنائهم واقاربهم وأصدقائهم ومعارفهم وكل من مر بحياتهم، فلذلك هم يعيشون كل لحظة وكأنها آخر لحظة في حياتهم، ويعلمون أنها ستبقى مع من حولهم ومع من مر بهم لوحة جملية تسكن قلوبهم وعقولهم حتى تنتهي حياتهم،ولذلك فالسعادة حياة أخرى فوق الحياة الرقمية المحسوبة بالسنين والشهور والأيام والساعات والدقائق واللحظات.
أصحاب السعادة لهم مني كل تحية إجلال ولعلني أكون منكم وسأحاول جاهدا أن اكون منهم،وأنتم أيضا أحبتي حاولوا أن تكونوا منهم فالحياة أقصر من لحظة وأسرع من زوال اللحظة، ولكن الذكرى تظل أكثر من حياة صاحبها وصانعها بائسة كانت أم سعيدة، فاختاروا أن تكون سعيدة لا تعيسة، وكونوا من أصحاب السعادة..
إبراهيم سيدي
مقالات سابقة للكاتب