على هامش مهرجان خليص الزراعي السياحي الترفيهي ، التقت صحيفة غران الإلكترونية بالأستاذ عبدالقادر حامد الشيخ ( عضو المجلس الاستشاري بمحافظة خليص ، عضو مجلس إدارة جمعية البر بمحافظة خليص، وأمين عام المجلس ، عضو المجلس الاستشاري بمركز البرزة ، عضو فريق “البرزة تشكركم” ) ، فكان لنا هذا الحوار معه ، ولكن قبل ذلك نستعرض نبذة مختصرة عن مركز البرزة .
مركز البرزة
مركز البرزة يتبع إدارياً لمحافظة خليص ويقع في أعلى محافظة خليص في الجزء الجنوبي الشرقي منها، ويبعد عنها مايقارب (٦٠ كم) كما أن موقع مركز البرزة بالنسبة لمنطقة مكة المكرمة ومدينة جدة يمثله مثلث متساوي الساقين بمسافة (٨٠ كم) تقريباً، قاعدتة المسافة بين جدة ومكة، وتشتهر البرزة قديماً بالزراعة ومازالت، ولكن قل الاعتماد عليها لقلة المياه وندرة الأمطار، حتى أصبح الأهالي يشترون مياه الشرب من المياه الصحية المعبأه وهم في انتظار مشروع التحلية على أحر من الجمر.
ويسكن البرزة مايقارب عشرة آلاف نسمة، ويتوفر بها التعليم الحكومي بمراحله الثلاث للبنين والبنات ، ومركز صحي حكومي ، ومخدومة “كهربائياً” من الشركة السعودية للكهرباء بشبكة (٣٣ ك ف)، ويتوفر بها اتصال عن طريق أبراج الجوال إلا أنها تعاني من ضعف شبكة الإنترنت.
والآن نسترجع مع ضيفنا الكريم ذكريات الماضي ونتحدث عن الزراعة مواكبة للحدث الجاري ( مهرجان محافظة خليص الزراعي السياحي الترفيهي بمدينة غران ) :
– في البداية حدثنا عن كيفية حفر الآبار قديمًا ، ومراحل تطويرها ؟
منذ ولدت والبرزة تعتمد على مصدرين أحدهما دائم والآخر منقطع ، وأساس المصدر المنقطع الأمطار والسيول، أما المصدر الدائم والرئيس فهو مياه الآبار والتي تستخدم للزراعة وللاستهلاك الآدمي والحيواني وكل احتياجات الحياة، وكانت الآبار الدائرية تحفر وتبنى بالحجر بمايسمى الطي، ونظراً لوفرة المياه وكثرة السيول والأمطار فلم تكن الآبار ذات عمق كبير بل لا تتجاوز العشرة أمتار وكانت عملية الحفر تتم بأدوات بدائية جداً ولكن بسواعد رجال أشداء أفذاذ متعاونين، فكل أبناء القبيلة يجتمعون ويتعاونون في عملية الحفر إلى أن يصلوا إلى الماء وعندها يكون الفرح وتبادل التهاني ويقوم صاحب البئر بعمل وليمة غداء لهؤلاء الرجال.
– كيف كانت تتم الزراعة قديمًا ؟ وما هي الأدوات التي كانت تساعد المزارعين في حقولهم ؟
البرزة كانت تشتهر بزراعة النخيل ، وبها نوعين من التمر: المتلبن ولا يزل موجودًا، والمشوك الذي لم يعد يزرع الآن، بالإضافة إلى الحبوب كالدخن والذرة والخضروات بأنواعها: (طماطم، بامية، ملوخية، جزر ، باذنجان، دبا، خربز، قثاء والليمون والليم ومؤخراً المنجا والموز… إلخ).
– ما الذي كان يجنيه المزارع من فوائد من هذه الحرفة؟
أهل البرزة كان اعتمادهم الرئيسي على الزراعة، وبالتالي كانوا مستقرين في قريتهم بمزارعهم وكان يأتيهم من يطلب الرزق ويعمل لديهم من كثير من القرى المجاورة، وكذلك لطلب العلم لاشتهار بعض أبناء الشيوخ بالعلم والقراءة والكتابة، وكان أشهرهم معلم البرزة حامد بن محمد الشيخ – يرحمه الله – ، الذي كان يدرس الطلاب بجوار مزرعته إلى أن بلغ عددهم سبعين دارساً عند افتتاح أول مدرسة حكومية عام ١٣٧٤هجري.
– التلقيح الزراعي هو عمل متقن يقوم به المزارع لتلقيح أو تأبير النخيل أو غيره، فكيف تتم عملية التلقيح؟
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ﴾ ولكن الزرع الذي كان يعتمد على التلقيح اليدوي هو النخيل فمع بداية الطلع بالشتاء يكون ذكر النخل قد أنتج الأبار ويتم قصه وتجفيفه ويتم توبير طلع النخل منه.
– لكل نوع من المحاصيل الزراعية موسم محدد؛ حدثنا عن ذلك؟
سبحان الله الخلاق العظيم كل شي بقدر وكل شيء بوقته، وفي ذلك تعليم للبشر لتنظيم حياتهم فهناك محاصيل بالشتاء وأخرى بالصيف، وقد يكون في ذلك ترتيب رباني ليكون الغذاء متوافق لجسم الإنسان حسب المواسم ، وللأسف الآن الثلاجات أفسدت لذة الفواكه والخضروات فلم تعد طازجة.
– كيف كان يتم نقل المحاصيل الزراعية لتسويقها في الأسواق المحلية سواء في مدينة جدة أو منطقة مكة؟
لقد كانت منطقة مكة المكرمة ومدينة جدة تعتمد على مزارع خليص والبرزة وأم الجرم وقديد وستارة والكامل وما جاورهم، وكانت تنقل بالسيارات التي يطلق عليها “اللواري” وتحمل فيها المحاصيل وكذلك الركاب، وكانت تستغرق الرحلة من البرزة إلى جدة حوالي ٩ ساعات لوعورة الطرق ولكثرة محطات التوقف لتحميل المحاصيل من المزارع.
– المحاصيل الزراعية تحتاج إلى عناية كـ مكافحة الحشرات؛ كيف كانت تتم عملية العناية بالمحصول؟
سبحانه وتعالى خلق الخلق ويعلم إمكانياتهم فيحميهم؛ فلم نكن نعرف أن هناك حشرات تداهم المحاصيل (ماعدا الجراد الذي يكافح من الدولة) ولم يكن هناك أي مكافحة كيميائية كما يحصل الآن وللأسف تتم من قبل مزارعين وافدين بطرق خاطئة قد تضر بمن يأكل هذه المحاصيل ولو على المدى البعيد، وهنا أجدها فرصة لأطالب إدارة الزراعة بتكليف مختصين لتحليل عينات من المحاصيل في المزارع لاكتشاف الأخطاء وإرشاد المزارعين بالطرق الصحيحة، أما ما كان يزعج المزارعين خصوصاً عند زراعة الحبوب كالذرة والدخن الطيور (العصافير) وكان يستخدم لها رمي الحجار لطردها بأداة تسمى المقلاع، وركز مايسمى المخيال ويلبس ببعض الملابس الرجالية البيضاء الباليه حتى تظن أنه إنسان.
– كيف كانت تتم عملية حفظ وتخزين بعض المحاصيل للاستفادة منها في غير مواسمها وكمثال على ذلك التمور؟
جميع المحاصيل تستهلك طازجة أولاً بأول ولاتخزن ماعدا التمر، فإنه يخزن بعدة طرق؛ إما التجفيف بالشمس أو التعبئة وحشوه بالجلد أو أكياس وبما يسمى العجوة، وسبحان الله التمر يتحمل التخزين فترة طويلة دون أن يتعفن أو يفسد.
– بنظرة إلى الماضي مالذي يشدك وتتذكره دومًا؟
البساطة والتعاون ومحبة الناس لبعضهم وتعاونهم على الرغم من محدودية إمكانياتهم.
– مالذي اكتسبته من الآباء والأجداد؟
ذلك جيل مختلف من حيث العطاء وحب الخير للناس والتعاون والإيثار، وأرجو من الله أن يكون لدي ولو قليل مما كان لديهم.
ماهي طموحاتك المستقبلية؟
في هذا العمر لم يعد الطموح ذاتي شخصي بقدر ماهو أمل وطموح عام؛ وهو أن تعتمد بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية على أبنائها في كل شيء.
– سلوكيات تعجبك وأخرى لاتعجبك يمارسها شبابنا في الجيل الحالي؟
سلوكيات تعجبني: التعلق بالتقنية والإلمام بها واستخدامها الإيجابي، والتي لا تعحبني التقليد الأعمى في الملابس والمظاهر التي لاتمت لديننا وعاداتنا بصلة، وأمانة مازال الخير في شبابنا فهم عماد المستقبل، ولقد هيأ لي المهرجان الاقتراب من العديد من شباب البرزة فوجدت فيهم كل الصفات التي أسعدتني من الرجولة والنخوة والإيثار والتعاون والانتماء.
– أمنياتك الشخصية التي تحققت والتي تسعى لتحقيقها مستقبلاً؟
لقد أكرمني الله سبحانه وتعالى وتفضل علي بنعم لا حصر لها، ومنها الزوجة الصالحة و الأبناء والبنات الصالحين ولله الحمد، أما ما أسعى إلى تحقيقه فهو المساهمة في خدمة مجتمعي بما أستطيع ابتغاء الأجر من الله سبحانه وتعالى.
– مالذي يحزنك ؟ ومالذي يفرحك ؟
يحزنني أحوال بعض المسلمين المضطهدين والمقهورين في أنحاء العالم، ويفرحني رؤية السعادة في وجه أي إنسان.
– شخص تفتقده كثيرًا وآخر لاتمل من مجالسته؟
أفتقد والدي ووالدتي رحمهما الله وأسكنهم فسيح جناته، لا أمل من مجالسة صاحب الفكر والأدب الذي يضيف لي شيئًا جديدًا بكل ما يقول.
– أذكر لنا بعض من الألعاب القديمة التي كانت تمارس في الماضي؟
هناك ألعاب شعبية كنا نمارسها لو ذكرتها قد يعتقد أبناء هذا الجيل أنها طلاسم، ولكني عندما انتقلت إلى مدينة جدة بعد تخرجي من الابتدائية والتحاقي بالمتوسطة بجدة أكثر لعبة أمارسها كرة القدم.
– ماهي هوايتك المفضلة؟
كرة القدم لعباً ومشاهدة، والآن اكتفيت بالمشاهدة ومتابعة مباريات نادي الاتحاد عميد الأندية السعودية الذي أتمنى عودته لسابق عهده بطلاً للقارة الآسيوية.
– أول شخص تلجأ إليه بعد الله سبحانه وتعالى؟
قد يندهش البعض من إجابتي، ولكنها حقيقة فإني أكتفي بالله ولا أظهر همومي ومشاكلي لأحد فلدي الناس ما يكفيهم من الهموم.
– ظاهرة الإسراف في حفلاتنا؛ كيف تنظر إليها؟ وكيف يتم التخلص منها ؟
والله إنها من أكثر السلبيات التي تزعجني ودائماً ما أتحدث عنها في حديثي مع من اجتمع بهم، وكتبت عنها كثيراً بحسابي الشخصي بتويتر وأرجو أن نعي أن ما نقوم به من تبذير قد يؤدي بنا لا قدر الله إلى زوال هذه النعم.
– قرار اتخذته وندمت عليه ؟
بعد تقاعدي قررت العمل بالتجارة؛ ولكن الحمد لله تداركت الأمر وتوقفت.
– كلمة توجهها إلى آباء الجيل الحالي من خلال تجاربك في الحياة؟
الرسول ﷺ بنى أمة إسلامية مجيدة بالحب والقدوة الصالحة، أنصح نفسي والآباء: أحبوا أبناءكم وأظهروا لهم الحب وكونوا لهم القدوة الحسنة.
– مهرجان محافظة خليص الزراعي السياحي الترفيهي بماذا تميز؟ وهل تؤيد استمراره؟
مزاياه كثيرة، وهنا نود أن نشكر سعادة محافظ خليص الدكتور فيصل بن غازي الحازمي، الذي منذ قدومه للمحافظة وهو يعمل ليل نهار ماشاء الله، وأوجد حراكًا إيجابيًا كبير لدى أهالي المحافظة ، كبارًا وصغارًا ، رجالًا ونساءً ، وكوّن المجالس الاستشارية وتواصل مع الجميع ونفذ معهم أفكاره الطموحة في هذا المهرجان الرائع، وبالطبع نتمنى استمراره ورصد الإيجابيات والسلبيات لتعزير الأولى وتصحيح الثانية وتلافيها.
– وجهة نظر شخصكم الكريم اتجاه مشاركة جميع مراكز محافظة خليص في هذا المحفل؟ وماذا أضافت؟
الحقيقة إن هذه المشاركة أضافت على المهرجان رونقاً وجمالاً وزادت من الحضور والتشويق في ظل التنافس بينهم لتقديم الأفضل لإسعاد الآخرين وتقديم تراثهم وكرمهم لزوارهم كأنهم وقد زاروهم في مركزهم وفي بيوتهم.
– ماهو أكثر شئ شدك وأنت تتجول في أجنحة المهرجان؟
للأمانة المهرجان بكل أجنحته أعجبني؛ حيث بذلت جهود جبارة كأول مهرجان وبداية من الصفر، وجناح المراكز أبرز تراث وأنشطة المناطق، وأرى أن تتاح الفرصة بالمهرجان القادم إن شاء الله لأبناء مدينة خليص بحيث توزع إلى أجزاء جغرافية متساوية ويشارك كل جزء بجناح خاص بهم.
– كلمة توجهها لمنتقدي مهرجان خليص الزراعي السياحي الترفيهي؟
الكمال لله سبحانه وتعالى، وأي عمل بشري يعتريه النقص والانتقاد الهادف البناء هو مايتناول العمل وليس شخص من يقوم به؛ ويعتبر هذا الانتقاد بمثابة هدية تقدم مجاناً للتحسين بالأعوام القادمة، وأقول لهؤلاء المنتقدين شكراً لأن انتقادكم دليل وعي ومحبة لخليص ورغبة في التطوير بالمستقبل.
– مالذي تحتاجة محافظة خليص للتنمية والتطوير؟
مرت على محافظة خليص سنين عجاف وتأخرت عن ركب العديد من المحافظات؛ والدكتور فيصل لديه رصد كامل عن كل شيء ووضع الخطط مع أعوانه رجال المحافظة الذين يكن لهم كل حب وتقدير واحترام، ويبادلونه كذلك بنفس الحب والتقدير والاحترام، ونسأل الله أن يوفقه ويعينه لتحقيق تطلعات وأماني أهل المحافظة بكل مكان.
– رئيس بلدية خليص م. عماد الصبحي، ماذا تقول له عن احتياجات المحافظة؟
المهندس عماد منذ ظهور خبر تعيينه رئيساً لبلديه خليص وقبل أن يجلس على كرسيه سبقته سمعته الطيبة التي اكتسبها من عمله في مواقع سابقة؛ فتفاءل الجميع به؛ وفعلاً قام بجولات وزيارات لكل مكان بالمحافظة، ووعد الناس بالعمل ونحن نثق فيه وننتظر إنجازاته.
– كلمة توجهها إلى منظمي مهرجان محافظة خليص الزراعي السياحي الترفيهي؟
جزاكم الله خيرًا على جهودكم التي أشاهدها عن قرب، وأشهد بها بصدق؛ لقد أفرحتم الأهالي وأدخلتم السعادة في قلوبهم، والجميل أنكم من أبناء المحافظة تعرفون تفاصيلها وعملتم بكل جد واجتهاد.
– كلمة أخيرة لمن توجهها؟
أوجهها لصحيفة غران الإلكترونية التي أفردت لي مساحة لهذا اللقاء، وأشكر الأستاذ عبدالرحيم شاكر.