فرنسا وكأس العالم

دار حديث بيني وبين إحدى الأخوات الفرنسيات المسلمات غداة فوز فرنسا بكأس العالم، فقد هنأتها أولاً بتربع بلدها على عرش العالم في كرة القدم، فقالت: فرنسا بالأمس كانت فرحة جدًا بهذا الإنجاز الكروي العالمي، فسألتها عن الشباب المشاغبين فقالت أما المشاغبون فهم في كل مكان.

وقالت لي: بالحرف صدقني يا أخي إنني فرحت بفوز فرنسا بكأس العالم، ولكن فرحتي كانت أكبر بهولاء الشباب الأفارقة الذين أهدوا فرنسا هذا اللقب وعليهم أن يقتحموا كل المجالات لا مجال الرياضة فحسب فإن لديهم كثير من المواهب، والرياضة أكبر دليل على ذلك، وهي واحدة من تلك المواهب الجمة التي يملكونها والتي منحهم الله إياها، وأردفت قائلة: إنني أحيي فيهم تلك الروح الجماعية التي كانت تظللهم؛ فلا أنانية ولا أثرة ولا حب للذات كلهم كان يلعب لهدف واحد أن تفوز فرنسا، وكانت الروح الجماعية سمة لهم ومحل حديث العالم.

فقلت لها: على فرنسا إذن أن تعترف بذلك، فقالت: إن فرنسا لن تعترف؛ بل عليهم هم أن يكونوا أكثر وعيًا ويفرضوا قيمهم وقيمنا الإسلامية عليهم، وفي النهاية لا تجد فرنسا بُدًا من الاعتراف بذلك.

وأعترف أنني عند محادثتي إياها وجدتها من الوعي والرقي ما يثلج الصدر وأغتبط، إن في كل دول العالم من المسلمين والمسلمات الذين يحاولون جهدهم أن يفرضوا احترامهم على غير المسلمين بتعاملهم الراقي وتقديم صورة حسنة مشرفة ومشرقة للإسلام هناك.

إن فوز فرنسا وبهذه الكوكبة الشبابية المتعاونة قدموا للعالم درسًا مفاده أنه لا ضير من التعايش المشترك بين بني البشر فقد خلقهم الله متفاوتين في كل الامور ليتعارفوا وليكمل كل واحد منهم الآخر لذلك خلقهم الله، والتفاوت والتضاد هي سمة هذا الكون ولولا الاختلاف لما خلق الكون ولما تعارف الناس، وتعددت الثقافات هي من التعارف الذي خلقهم الله له وبسببه.

وحقيقة إن الأقدار تقدم لنا دروسًا بالمجان لنستفيد منها في حياتنا العملية وتعاملنا مع بعضنا كبشر خلقنا الله من أب واحد وأم واحدة، نعم لا ضير من التعايش المشترك، وبهذه الطريقة ترتقي الأمم وتسود العالم أما التقوقع ومحاولة دق إسفين الخلاف لا يمكن أن يأتي بخير أبدًا، وسيظل من هذه شأنه لا يبارح مكانه.

والتمسك بثقافة واحدة هي من التخلف عن التقدم إلى الإمام ومحاولة للتفرقة بين بني البشر، وإننا يجب أن نحافظ على ثقافتنا أن يقتحمها الآخرون هذا يعتبر ضعفًا وعدم ثقة بالنفس والخوف من التغير وكل العالم بشتى ملله ومعتقداته يحاول أن ينشر ثقافته إلى أبعد مدى، ولقد رأينا وسمعنا العالم كله يتحدث عن هذا الإنجاز الجماعي ويحاول أن يستفيد من دروس قدمها هؤلاء الشباب فنحن نعلم أنهم جاؤوا من دول شتى في إفريقيا عربية وغير عربية مسلمون ومن غير المسلمين، وهكذا قدر الله أن يكون البشر؛ فلو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن لحكمة من الباري جل في علاه خلق التفاوت والتضاد.

فعلينا أن نسلم بذلك ونتعايش مع هذا الأمر بدون أن نتخلى عن قيمنا ومبادئنا بل على العكس؛ يجب أن نفرض قيمنا على الآخرين ونأخذ من الآخرين ولكن بوعي وحكمة، نسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن ينير لنا البصائر ويكتب لنا التوفيق في كل أمورنا إنه سميع مجيب.

إبراهيم يحيى أبو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

9 تعليق على “فرنسا وكأس العالم

غير معروف

حياك الله استاذي وأعان شبابنا ، ورفع عظة الاسلام والمسلمين

Bushra Ali

سلمت أناملك استاذنا ابراهيم دائم مبدع في طرح مواضيعك
استمر 💙

غير معروف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..أستاذي الفاضل أعلم انك لاتعطي اهتماما كبيرا بكرة القدم لما تحمله من منازعات لا تجدي نفعا لاصحابها ولكن لفت انظارنا الى قضية التعايش ..نعم اصبت استاذي الفاضل انه التعايش في ابهى صوره مجموعه من الفتية الافارقه يجلبون الكأس لبلد كانت بالامس القريب تنتزع ثروات بلادهم وتستحل حرمة دمائهم ولكن لا يوجد عجب في ذلك إن العجب في من يعرض تلك الاطروحه وجدت كثيرا من التعليقات عقب المباراة يتحدثون عن فرحة هؤلاء الفتية ويتعجبون لما نسوا ما فعلت فرنسا والاوائل من الحكام الفرنسين الذين استنفزوا ثروات البلاد الافريقية أقول بكل صدق هؤلاء الفتيه تم معاملتهم في فرنسا اليوم كبشر حقيقين لهم حقوق وعليهم واجبات قدمت لهم فرنسا مبدأ المواطنه في أبهى صوره وكأنه اعتءار عما بدر من الاوائل المغتصبين للحقوق وهنا قرر الفتيه غض الطرف والبدء بصفحة جديده عنوانها التعايش لانهم وجدوا في تلك البلاد ما لم يجدوه في بلادهم الافريقية كفاينا شعارات ومزايدات نحن دائما نتحدث عن الوطنيه ولكن لا يوجد وطن نتحدث عن الارض والبيت والمسكن ولا يوجد ساكن لتلك الارض لا يوجد توافر فرص في بلادنا حتى نشعر بالوطن .نحن جميعا نريد ان نطبق مبدأ التعايش ولاسيما بعد ان طبقته فرنسا مع الدول التي احتلتها وصار اهلها اليوم هم اكبر الداعمين لها …

غير معروف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..أستاذي الفاضل أعلم انك لاتعطي اهتماما كبيرا بكرة القدم لما تحمله من منازعات لا تجدي نفعا لاصحابها ولكن لفت انظارنا الى قضية التعايش ..نعم اصبت استاذي الفاضل انه التعايش في ابهى صوره مجموعه من الفتية الافارقه يجلبون الكأس لبلد كانت بالامس القريب تنتزع ثروات بلادهم وتستحل حرمة دمائهم ولكن لا يوجد عجب في ذلك إن العجب في من يعرض تلك الاطروحه وجدت كثيرا من التعليقات عقب المباراة يتحدثون عن فرحة هؤلاء الفتية ويتعجبون لما نسوا ما فعلت فرنسا والاوائل من الحكام الفرنسين الذين استنفزوا ثروات البلاد الافريقية أقول بكل صدق هؤلاء الفتيه تم معاملتهم في فرنسا اليوم كبشر حقيقين لهم حقوق وعليهم واجبات قدمت لهم فرنسا مبدأ المواطنه في أبهى صوره وكأنه اعتذار عما بدر من الاوائل المغتصبين للحقوق وهنا قرر الفتيه غض الطرف والبدء بصفحة جديده عنوانها التعايش لانهم وجدوا في تلك البلاد ما لم يجدوه في بلادهم الافريقية كفاينا شعارات ومزايدات نحن دائما نتحدث عن الوطنيه ولكن لا يوجد وطن نتحدث عن الارض والبيت والمسكن ولا يوجد ساكن لتلك الارض لا يوجد توافر فرص في بلادنا حتى نشعر بالوطن .نحن جميعا نريد ان نطبق مبدأ التعايش ولاسيما بعد ان طبقته فرنسا مع الدول التي احتلتها وصار اهلها اليوم هم اكبر الداعمين لها …

ابو احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يتحدث الكثير ان لم يكن الجميع عن الإنجاز الكروي الفرنسي ( الإفريقي ) فوجدنا أن حكمة قد افرضت على العالم قدرتها فعندما نجد الحكمة مع المقدرة فيجب علينا التوقف عندها فلا تمر علينا كباقي الامور ، لنتعمق قليلاً ونستذكر مايحيط بنا . فرنسا نالت شرف التربع على العرش العالمي بالامس القريب جدا فهل تُدرك بعد ذلك معنى الصف الواحد والروح الواحدة في شتى المجالات ونبذ التفرقة وهذا ما نهى عنه ديننا الحنيف وحث على الإجتماع لا الفُرقة ، هي رسالة حب وأخوة ودعوة الى دين الله ونرجوا الله ان يعين كل مسلم على تأديتها كما امر سبحانه وتعالى ووصى بها الحبيب محمد صل الله عليه وسلم ومن اقوى التأثيرات الإيجابية التى تؤتي ثمارها ان اتبعناها جميعا .

الانصاري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العقول العظيمه افكارها لا تنضب بارك الله فيك استاذنا الفاضل حينما تكتب تعرف كيف تترك بصمة لمن يقرأ ما تكتب وان لكل مشكله حل استاذنا ابا احمد في البدايه لتسمح ان اشاركك الراي بان هجرة العقول العربيه والافريقيه والصينيه وغيرها الى الدول الصناعيه الكبري مستمره لان الهجره للدول الناميه تعني لهم الاحباط وقتل الابداع لجمود الانظمه وعنصر المحسوبيه والنظره الدونيه وعدم تقبل الاخر ومن يسير العمل ويسن الانظمه والقوانين اقل كفاءة وخبرة وكذالك غياب الدعم المعنوى والمالى الذي لا يشجع على العمل والابداع استاذنا الفاضل للاسف اصبحت هجرة العقول العربيه والاسلاميه ذات الكفاءه والابداع للغرب نزيف لا يتوقف
احدى الاحصائيات تقول ٣٤/ من الاطباء الاكفاء في بريطانيا من العرب وان احدى الدول العربيه خسرت خلال سنوات اكثر من ٤٥٠ الف من شبابها حملة الدكتوراه والماجستير فهناك ارقام مفزعه احدى الدراسات تقول هناك ٤١٠٢ عالم مسلم في الغرب وان ٥٤/ من الطلاب المسلمين لا يعودون لبلدانهم ما ذكرته من احصائيات ودراسات لباحث مصري استاذي الاسباب معروفه ولكن الحلول مفقوده

محمد ساني عبد الكريم أبو عمار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
صعب جدا على التلميذ مهما اجتهد أن يسطر حرفا بعد أستاذه، لكن رحابة صدره تكون من الداوفع والله المعين:
حازت فرنسا فعلا كأس العالم بأبناء المهاجرين، فرضوا أنفسهم بالموهبة الفطرية الكروية في الميدان، ثم بإتباع تعليمات المدرب المجنّك، ولم يك الدين لهم عائقا، وإلا لما في الملعب ثانية، فانصهر الفرد في بوتقة المجموعة، إذ لو كانوا مثل لاعبي المنتخب النيجيري متفرقين لما نجحوا،
يتقيّد الإنسان الإفريقي بالرسميات المفروضة على مضض، وكان ذلك أثناء استقبال الرئيس الفرنسي لهم بالقصر الجمهوري الإليزيه، لكن ما أن يجد بصيص من حريته المعهودة حتى يعود إلى أصله وجذوره ولو بالرقص تعبيراً، وبالطبع يكون شديد الإخلاص والولاء للمكان الذي يمثّله ويعيش تحت رايته، والأدلّة لكل منصف تكون على أرض الواقع ملموسة، وأما مرضى العنصرية لا يعتدّ أحدُ لتفهاتهم النّتنة في كل مكان، وهب أنها تمارس في فرنسا، فإنها تكون مُقنّنة، وبالعلم والموهبة والقانون تستطيع تجاوزها، وكذلك تحاكم من يُمارسها ضدك أيّ كان، فالجميع يكونون تحت القانون سواء، وكذلك في الإسلام.

أبوعابد

نحن كمسلمين أولى بذلك
لكن للأسف كما تشاهد اليوم هذا مواطن وهذا أجنبي
ونحن كلنا أبناء ملة واحدة وكأن واحد منا بيستولى على رزق الآخر
أين الرحمة أين الأخوة الإسلامية ؟ أم هي مجرد شعارات نرددها في الإعلام

تميم

ماشاء الله عليك استاذي ابراهيم ابوليلى موضوع في غايه الاهميه وزي ما تفضلت قدموا لنا درس بالمجان في التالف والانسجام والعمل الجماعي من اجل تحقيق هدف واحد وحققوه مشكلتنا الاساسيه العنصريه وزودت النفس وهذا فئه ا وهذا فئه ب وتكافؤ النسب واشياء تفرق ما تجمع وكلها شكليات وكلام فارغ بدل ما نتحد ونتالف ونتكاتف ونعمل على تنميه وتطوير بلدنا اللي يجمعنا اكبر من نسب او حسب تجمعنا كلمه لا اله الا الله محمدا رسول الله كلمه التوحيد وحب هذا الوطن بس اش تقول الله يصلح الحال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *