رغم أننا ندرك جميعاً صحة المقولة التي تقول: أن رضا الناس غاية لا تدرك ، إلا أننا نجد على أرض الواقع أن الناس تسعى لكسر هذه القاعدة وتحقيق رضا الناس وثنائهم بأي ثمن.
ما من شك أن كل إنسان يفرح ويستبشر بثناء الناس وإعجابهم، لكن أن يصل الحال لدى كثير من الناس أن تحولت جميع تصرفاتهم من أجل تحقيق هدف واحد وهو ثناء الناس فهنا مكمن الخطر.
ومن المفارقات أن تجد من يسعى لذلك هو الشخص الميسور الحال، فتجده يفعل كل ما في وسعه بل ما هو خارج نطاق وسعه فينفق كل ما لديه ويتحمل الديون من أجل أن يظهر في أعين الناس بصورة مغايرة عن واقعه (الذي يعرفه كل من حوله).. كل ذلك من أجل رضا الناس.
والمتأمل لما يؤول له الأمر يجد أن الناس وإن أثنوا على ذلك الشخص في وجهه وامتدحوه إلا أنهم بينهم وبين أنفسهم يسخرون من فعله.
يظن الكثير منا أنه بمجرد تزيين المكان وتكديس الطعام قد استطاع بهذا الفعل لفت الانتباه وكسب المزيد من رضا الناس في الحفلات وغيرها، وهنا تبدو المشكلة التي لا أحد يستطيع مناقشتها أبداً وهي هل كمال رضا الناس في زيادة الاهتمام بهذه الشكليات فقط ؟ وما هو المعيار والمقياس في هذا ؟
تظل هذه النظرة قاصرة إن اقتصرت على هذا المعيار فقط، فالكثير من الناس قد يعجب مؤقتاً ويذم لاحقاً، فكم سمعنا من يقول: “استدانوا وكلفوا على أنفسهم، ظروفهم لا تسمح لهم بهذا، نحن نعرف ظروفهم!”، وهنا تتعجب من المفارقة العجيبة فهم بذلوا الغالي والنفيس لإرضاء الناس ولكن لم يحصلوا عليه!
إذن لماذا التعب وطلب رضا الناس بشيء يفوق القدرات!
إنها صورة من صور المظاهر غير الصحية في المجتمع السعودي والتي يدفع الكثير من أجلها الغالي والنفيس، ناهيك عن العناء والمشقة، ولابد من تصحيح هذه النظرة لعلنا نعود إلى رشدنا ونصحح هذه المفاهيم الخاطئة.
ورضا الناس غاية لا تدرك .. وإرضاء الناس إنما يكون برضا الله فإن الله إذا رضي عن العبد أرضى عنه الناس وإذا سخط عليه أسخط عليه الناس.
سليمان حامد الصحفي
مقالات سابقة للكاتب