سوف أستهلُّ مقالي بقول الصَّادق المعصوم، والذي لا ينطق عن الهوى: يقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: رجال معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها النَّاس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مُميلاتٌ على رؤوسهنَّ كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليُوجد من مسيرة كذا وكذا» (رواه أحمد ومسلم في الصحيح).
صدقت يا رسول الله، فهذا ما يحدث، وكأنك كنت تُشاهد مُستقبلنا من مجلسك، ولن يعصمنا من ذلك سوى اتباع منهجك القويم وأخلاقك الرَّاقية المُستمدَّة من قرآن رب العالمين.
هل حدث ما كنا نخشاه من قبل؟ ، سؤال يدور في مُخيِّلة كل مُواطن سعودي يغار على أُسرته في المقام الأوَّل، وعلى بلده المملكة، نعم كنا نخشى التقليد الأعمى، وتأثيره على بناتنا، وخاصةً من هم في مُقتبل العُمر، ولا يستطيعون تفهُّم الأمور، أو التَّعمُّق للتَّعرُّف على الأغراض الدفينة التي يُحدقها الآخرون بنا، فهل تعتقد الفتيات أنه بمثل هذه الأمور سوف تُصبح أجمل وأفضل عن غيرها من بنات جيلها؟! وهل بتلك الصورة المُبتذلة سوف ينظر إليها الآخرون، ويقولون إن فلانة تُشبه الفنانة المشهورة (جينيفر لوبيز) أو (كيم كارداشيان)…. إلخ.
لقد كُنَّا أوَّل من نبَّهنا إلى حدوث ذلك في ظل مؤشرات ظهرت للعيان منذ فترة، ولقد نقدنا تلك الفئة التي ابتغت من السُّفور والتَّعرَّي طريق لها، ولسنا سيفًا مُصلتًا على رقاب الآخرين، ويرغب في أن يُظهر السلبيات فقط؛ لذا لا ينبغي علينا أن ننسى أن هناك فئةً أخرى من الفتيات اللاتي لا يزلن يُحافظن على العادات والتقاليد الموروثة، والتي نستقي منها فخرنا، وإذ ننقد الفئة التي لم تُحافظ على ذلك فليس ذلك بداعي التشهير، ولكن لغيرتنا المُفرطة على بناتنا ووطننا الذي نعيش بين جنباته، ويُعَدُّ بمثابة بوابة الإسلام الأولى، والسد المنيع الذي يلجأ إليه كل المسلمين من شتَّى بقاع العالم، ومن دونه لن يكون للإسلام عماد .
ينبغي أن نُنوِّه إلى أنه في حالة عدم كبح السُّفور والتَّعرِّي في بدايته فسوف يستفحل الأمر، ويُصبح من الصعب مواجهته، ولكن ندعو من منبرنا هذا أن يتم دحر ذلك في بدايته، ودور الأسرة هو الدور الأساسي في ذلك، فيجب على كل أبٍ وكل أم وكل أخ أن لا يسمحوا بحدوث ذلك، وكذلك يجب على المجتمع أن يقف بأسره وينتفض؛ من أجل مُعالجة ما نراه من أمور يندى لها الجبين، وللمسؤولين دور كبير أيضًا، فهم وُلاة الأمر، ومن دونهم لا تستوي الأمور، وأدعو الله أن يحفظ بناتنا وشبابنا من كل مكروه.
وكما بدأنا بحديث النبي – صلى الله عليه وسلَّم – سوف نُنهي كلامنا بكلمات خير البشر:
روى مسلم في صحيحه عن زَيْدٍ – رضي الله عنه – قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ». فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِى«.
محمد الحربي
مقالات سابقة للكاتب