ذكرى ، وذكريات والحياة الجميلة ، ما نملك منها في ذاكرتنا هي نكهات لماض عزيز على قلوبنا نفخر به فهو قطعة منا ، الحنين إليها مستمر .
متى ما وجدنا في أنفسنا فراغاً أو تعبا أو ارهاقا من مشاغل الحياة ، تسلينا بها لتضيء لأرواحنا مصابيح الحماس والعمل ، ولتذكي فينا طاقات التفاؤل والأمل ، كيف وماذا كنا ؟، وإلى أي نقطة وصلنا ؟
إن كان كتاب تعلقنا به وألفناه ، عشقنا حروفه لكثرة ما قرأناه ، وإن غادرناه لغيره فلن يأخذ مكانه ، وإن كان دفتراً خططنا فيه بأناملنا رسومات أحلامنا و يومنا وغدنا ، وإن أرتدينا لباس ، أرتديناه وشغفنا به حتى بليناه ، قيمته من قيمة من أهداه لنا.
كل ذاك حياة … والاجتماع العائلتي بعد صلاة الفجر او بعد الغروب حياة اخرى !!
وثيقة عهد بين أفراد العائلة لا يتخلف عنها أحد ، ومقهى مريح تفوح منه نكهات زكية لأطعمة خفيفة محببة لكبيرها قبل صغيرها ، وروائح عطرة لحكايات وتفاصيل ما حدث لأفرادها .
من كانوا قبلنا كانوا كبارا في أنفسهم ، علمونا وأهدونا قيماً ومباديء، علمونا كيف نوثق ذكرياتنا ، كيف نحمي ممتلكاتنا وكنوز ذاكرتنا ، عظماء في حياتهم وحتى في الممات ، كانوا يحكون لنا كل يوم حياة لم نراها ، وإن رحلوا فإنا لا نزال نراهم في تكبيرات المآذن وتهليلات الفجر ، وحب العمل ، نشرب من ذكرياتهم رحيقا حلواً وماءاً زلالاً ، تبيت قلوبنا عطشى عندما تمر الليالي بدون ذكرياتهم .
هم كتبوها بل حفروها بماء الذهب في أذهاننا ، باحترامهم لها ، بتزكيتها بطيب حكاياتهم عنها، زينوها حتى أصبحنا نطلبها وننتظرها ونحتفي بها كل ليلة معهم ونتمثل ونستفيد من الحكم والتجارب التي مروا بها .
فرق وبون شاسع بيننا وبينهم ، اليوم يعبث بكنوز ذاكرتنا على مرأى منا و دون احترام لما تعنيه تلك الذكريات لنا من قيمة و أثر ، نسو كم بنت من جبال ، وكم عززت من قيم ، وكم روت من ديار ، يسخرون منها لكونها لم تجاري حاضرهم ، والبعض لا يريد تمريرها لأنها اندثرت وحل محلها حاضر متلون لا يعرف لحلوه أثر ، يخجلون أو يسخرون منها مقارنة بحياة الآخرين ونحن قد نعينهم على ذلك ، فنحن لم نحترم ماضينا وذكرياتنا كما احترمها آباءنا ،فنساندهم بذلك على تحطيم ممتلكاتنا ، حتى أصبحوا لا يشعرون بقيمتها .
من شعر بقيمة ماضيه ، صان ذكرياته ، حصنها ، رواها ، وثقها ، فخر بها ، لم يركن لها بل استفاد منها فهي من بنته وكانت وقود مستقبله .