وقفة بين عامين

إن توديع عام مضى واستقبال عام جديد موقف لا يستهان به ، ولا يمر دون الاعتبار له ،  فليست المسألة تهنئة ودعوات وأن كانت كلها خير  بلاشك ، إلا أنه لبداية عام جديد وإنتهاء عام مضى دلالات عظيمة ، ولعل من أهمها و أبرزها الاعتبار بمرور الأيام ، فإن عجلة الزمن تدور ، وسنوات العمر تمضي ، وأيام الحياة تمر بحلوها ومرها وقد مرت ، فهل تأملنا  في ذلك جيدا لأخذ العبرة  بما يجري.. اليس الاعتبار مطلب شرعي أمرنا الله به قال تعالى ( فاعتبروا يا أولي الأبصار)

 إن هذه الأيام والليالي ماهي إلا سوى مراحل من العمر قطعناها ، حتى نصل إلى نهاية رحلتنا في هذه الدنيا ، ولعل هذه الحقيقة تجعل العقلاء والحكماء منا ،  يتبصرون في مضي الدقائق والساعات ، والليالي والأيام ، ويعتبرون بما فيها من مواعظ وأحداث ، وأمور فاتت لم يتم استغلالها فيما ينفع ، فكل زمان قد يسترجع شيء منه  ، إلا العمر المنصرم ، فإنه نقص في العمر ودنو في الأجل ..

وهذا كله يحتم علينا تجنب العشوائية في حياتنا ، وأن نسير فيها على منهج رشيد ، وخطوات مدروسة ، لمسيرة قادمين اليها في عام من أعمارنا جديد ..فالمسلم من شانه أنه مخطط لحياته تخطيطا يتجاوز فيه الدنيا للأخرة ، حياته و مصيره بعد موته ، ومنقلبه إلى ربه ..

قال الفضيل بن عياض لرجل  كم أتى عليك ؟ قال : ستون سنه قال : فأنت منذ ستين سنه تسير إلى ربك ، يوشك أن تبلغ ، فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون قال : أتعرف معنى إنا لله وإنا إليه راجعون ؟  إن من علم انه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف ومن علم انه موقوف ، فليعلم أنه مسئول ،  فليعد للسؤال جوابا  فقال الرجل : فما الحيلة ؟ قال : يسيرة قال ماهي ؟ قال : تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى ،  فإنك أن أسات فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي والأعمال بالخواتيم “

فحري بالمسلم أن يجدد في صلته بربه ، وأن يغير في طريقة حياته وأعماله ونشاطاته مساهما في رفعة نفسه وطنه ، وحتى تجري في دمائه التجديد  .لابد له من التخطيط المتجدد والذي يصقل الهمم ، ومعه يستعاد النشاط ، وتراجع معه الأحوال ، وتتابع فيه الأعمال ، وتراقب فيه الآمال ..

والمتأمل في الكون ومظاهره يدرك أنه مليء بالتجديد ، متميز بالتغيير ، بعيدا عن الرتابة ، فانظر يا رعاك الله الى الليل والنهار ، والشروق والغروب ، الحر والبرد ، والسهل والجبل ، واليابسة والبحر ، والبساتين والشجر ، كلها آيات كونية متجددة  قال تعالى ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ) (27)

فهل يا ترى لفت انتباهنا مثل هذه الآيات ، وهزت أعماقنا مثل هذا التغيير المتعاقب علينا ، لنلتفت لحياتنا ، لنتدارك النقص ، ونحذر من هدر الشهور ، والأعوام ، بل الأيام والساعات ، وأن يكون عملنا أنفع ، فكلما كانت دائرة النفع أشمل كلما كان أفضل عند الله ، ولذلك منفعة المسلم لأخيه من أفضل القرب ..

همسة ..

ابتسم للحياة ، وأستنشق عبير التفاؤل ، وابدأ عامك بعيدا عن الكآبة ، وتوشح وشاح العزم والأمل ، وأسم  بنفسك عاليا ، ولاتقطع الأمل بربك ، فهو من بيده مقاليد الأمور  وقد قيل ( تفاءلوا بالخير تجدوه ).

 

نويفعة صالح الصحفي

رئيسة المجلس الاستشاري النسائي
ورئيسة اللجنة الثقافية النسائية بمحافظة خليص
ومشرفة العلوم الشرعية بمكتب تعليم خليص
ورئيسة مركز فتاة غران.

مقالات سابقة للكاتب

14 تعليق على “وقفة بين عامين

رب همة أحيت امة

مقال رائع ا.نويفعة
جزاك الله خير واكرمك من خيري الدنيا والأخرة

ماجد الصبحي

مقال يكاد أن ينطق عن نفسه
فسبحان الله قبل أن اقرأ مقالك الراقي في رأسي فكرة قصيدة في ذات الموضوع من عصر أنتظر وحي القريحة أن تمطر علي مطلع فقط لكي أنطلق بالنظم .
والفكرة الاساسية للقصيدة هي بمثابة سر الطبخة

مقال متمااااسك جدا بقالب واحد يناسب أوله اوسطه وخاتمته
ويتضح ذكاء الأخت نويفعة في ذكاء الختام المنتهي بوردة أمل التفاؤل.
فبعد التذكير وإحياء العزم والهمة للخير والعلاقة الصصادقه مع الله عز وجل رسمة بسمة أمل بحسن الظن في الله وطريقة العناية بهذا الظن وهي وصفة التفاؤل الطبية
بورك القلم وصاحبته ودام الإبداع وعمت الفائدة وعسى أن تكون في موازين حسناتك

عواطف الثلابي.

جزاك الله خير بك يسمو القلم وتتأنق الكلمات،
جعلها الله في ميزان حسناتك
الاستاذة والقدوة الصالحه :نويفعه الصحفي نفع الله بك وزادك علما.

أحمد بن مهنا

مع أنني لست ممن يولي نهاية عام وبداية آخر كثير اهتمام ، كما يفعله بعضهم وكأنه عيد ! ذلك لأنه لم يرد في الدبن في ذلك شيء البتة ، بل إن من العلماء من يبدع متبادلي التهاني ببداية عام . وبداية عام وانتهاء عام قد تعني لمن ترتبط حياتهم بذلك تغييرا منتظرا كانتهاء عقد ، ودفع مال مستحق، وطالب ينتقل لصف جديد مثلا، ونحو ذلك ، أما غيرهم فلاتغيير يستحق الذكر لهم ، انتهاء الأيام والأسابيع والشهور سنة كونية منتظمة ومن لم يعتبر بانتهاءيومه وشهره ما فاده اعتبار عام !
إلا أن معنى ثمينا لعله المحور الذي يجعل هذا المقال كله متأملا يستوقف قارئه كثيرا ، علاوة على ما تزين به من بناء رائع ومبدع من كاتبة قديرة لطالما خط قلمها دروب الابداع من مداد الفكر المتميز ، ذلك المحور ( في نظري) هو التوجيه بمرونة وإقناع لأن نتجنب العشوائية ونسير وفق خطط مدروسة ، وقد استشهدت بعدة شواهد قوية مؤثرة ،كحديث الرجل مع الفضيل ، والنصوص القرآنية ، بحق هذا مقال ثري ماتع ومؤثر!
يمكن تحوير محتواه ليكون حقيبة تدريبية لتنمية بشرية يحتاجها المجتمع . شكرا لك أيتها الفاضلة ، لاعدمنا هذا الفكر وهذه القدرة .

محب لوطنه

مقال ينبغي أن يكون وقعه قوي علينا من بلاغته وعظته وجميل حروفه. …،بورك قلمك وفكرك وإبداعك.

عبدالرحيم الصبحي ـ أبو أوس

نعم والله هي وقفة تجب على كل إنسان أن يبادر باتخاذ القرار لمحاسبة النفس حساب الباحث عن صلاحها
فلكل طريق علامات تصل بك لتحقيق هدفك لذا يجب قبل الوقفة لابد من الإلمام بأدوات المحاسبة التي يتقدمها العلم بحقيقة النفس التي تحملها هل هي على صح أم خطأ ومن ثم يأتي سوء الظن بالنفس وحسن الظن بالله للخروج من غرور النفس بما هي عليه ولكي تستطيع التمييز بين نعمة الله عليك وبين خطورة استدراجك أحسنت أختي أم سمير في وقت انصرف الناس لتهنئة بعضهم بالعام الجديد وتجاهلوا استغلال المناسبات إلى وجوب مثل هذه الوقفات شكرا لك أختي بتذكيرك لنا بهذا العبادة الأهم ودمتي موفقة

مفلح الصاطي

تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى ،،، والله لو لم يحتوي المقال إلا هذه الجملة لكان نبراسا لكل مفرط وعظة لكل لاهٍ غره الأمل وضحكت عليه الأمنيات.

عام مضى بسجله الحافل بما صنعنا وعام قدم علينا وكأنه يقول ما زالت هناك فرصة ، إن الأعوام هي الأعوام والأيام هي الأيام والبغية الزاذ والمؤمل السداد
ما مضى فات والمؤمل غيب
ولك الساعة التي أنت فيها

مقال يكتب بماء الذهب جمله عبر وأسطره حكم وأسلوبه يجعل القارئ يتنهد طويلا ويتفكر
شكرا لك أختنا الفاضلة على ماخط قلمك وما أبدعه بنانك من مقال كما قال أستاذنا أبو رائد عنه أنه حقيبة للتنمية البشرية الرصينة
ذهبت بنا بعيدا في التفكر ثم شرحت صدورنا بلمحة أمل وتفاؤل جميلة

وفقك الله لكل خير وجعل عمرك وعملك مباركا نافعا ،،،

ابراهيم يحيى ابوليلى

ماشاء الله تبارك الله لا فض فوك استاذتنا الفاضلة ولا كسر لك قلم مبدع حقيقة وبدون مجاملة مقال ضاف كتب لك الاجر واجزل لك المثوبة ونفعنا الله بعلمك مقال غاية في الروعة والابداع بمثلك تفتخر خليص بل الوطن بعامة ونرجوا أن يصل نفعك للأمة الإسلامية قاطبة حييتي وبارك الله في جهدك الذي تشكرين عليه .
وهنيئا للصحيفة بأمثالك من الكتاب والكاتبات وهنئا لنا جميعا بالصحيفة التي تطالعنا كل حين بابداع وومقالك هذا دليل على ما نقول …. فللجميع التحية والتقدير .

غايتي رضى ربي

بارك الله فيك استاذتنا الغالية مقال اكثر من رااائع

اوجاع كاتب

سيدتى انت صاحبة قلم يبدع في انتقاء اللفظ واختيار المفرده يجعل للحروف نكهة خاصه لتنبض بمداد من فكرا متميز وشرف كبير توجت نفسي به ان جعلت اخر مشاركه في هذه الصحيفه على مقالك انت سيدتى كم انتم عظماء ومبدعين ومفكرين جميعكم رجال ونساء اهل هذه المحافظه التى تمنيت شرف الانتماء لها فما اود ان اقوله اللهم اجعل ايامها وليالها سعاده وسرورا وتقربا اليك بالاعمال الصالحه بدايتها افراح وسعاده بعد اسبوع من الان سوف احتفل بزواجى ان شاء الله وبعد الزواج بأيام معدودات تبدا رحله الالف ميل بتاريخ ٢٠١٨/١٠/١ بدايه العمل طبيب متدرب لمده اربع سنوات للحصول على شهادة الاختصاص السعوديه في تخصص جراحه عامه احبتي استودعكم الله ولا تنسونى من دعائكم

نجاح المغربي

بورك القلم وصاحبته ورفع قدرك وعلا شأنك.ونسأل الله عزوجل ان يكون عام خير وبركة للجميع

أم حاتم

اسال الله ان يكتب لنا خيرا في اعمارنا و يكسبنا عملا صالحا . شكرا لك استاذة نويفعة على المقال الرائع الذي دعا فينا التامل في الايام والاعوام والاعمار جميعها وهي تمر بنا بوركت اينما كنت .

ابراهيم يحيى ابوليلى

الاخ والعزيز دكتور المستقبل أوجاع كاتب اولا نتمنى لك حياة سعيدة ملؤها السرور في زواجك ومبروك مقدما وثانيا اسال الله ان يوفقك في حياتك كلها وان يكتب لك السعادة وان ينفع بك أمتك فبحق لم اعرفك شخصيا ولكن عرفتك من خلال تعليقاتك الصريحة التي لا تحمل المجاملات فنحن في هذا الوقت نحتاج الى مثل عقلك وصراحتك وهناك طلب فرجوا أن تحققه لنا أن لاتغر الصحيفة فهي تصلك اينما كنت ولا نريد أن نسغلح عن عن مرادك الذي تاب الله أن يحققه لك ويعطيك كل سألك وامانيك وامنياتك فانت بحق تستحق ذلك
ندعولك في ظهر الغيب أن يرزقك السعادة في دينك ودنياك واخرتك وان يجمعنا في مستقر رحمته ويعلم الله اننا احببناك وكم تثنينا عليك في حديثنا انا والاستاذ وضاح وأعطينا كثيرا بردودك وتعليقاتك الصريحة واخيرا وليس أمرا نستودعك الله الذي لا نضيع ودائعة ونرجو أن نراك مرة أخرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته … اخوك ابراهيم يحيى ابوليلى .

تميم

الله يوفقك ويجزاك بالخير أستاذه نويفعه ويارب تحسن خاتمتنا بالعمل الصالح سبحان الله سنوات بتعدي من أعمارنا في لمح البصر واحنا لاهين في الدنيا أمس ٣٩ انتهت واليوم ٤٠ بدت وكله من أعمارنا
قطار بيجري بينا في سكه طويله لها بدايه ونهايته ما نعلمها وكل واحد له محطه ما يتعداها وآه يا خوفي من اخر المشوار جنه وإلا نار
وبالنسبه لاخونا اوجاع كاتب أقول الف ترليون مبروك الزواج والله فرحت لك وانا ما أعرفك شخصيا بس احنا هنا اخوه جميعا والله يوفقك يا دكتور وتحقق كل أمنياتك
وياليت تسامحنى ممكن زعلتك بكلمه او جرحت مشاعرك بدون قصد وبعدين لو انشغلت بالعرس والوظيفة ما يمنع المشاركه في الصحيفه لانها زي ما قال الاستاذ ابو ليلى تقدر تطلع عليها في اي وقت وبعدين أنا مثلك مانى من المحافظة من المدينة المنوره واعمل في الشرقية بس الصحيفه هذه اللي بيدخل عليها اول مره صعبه جدا ينساها او يسيبها والله لها نكهه خاصه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *