بسبب الإعجاب (اللايكات) وبسبب إعادة التغريد ( الرتويت) ولأجل المدح والثناء تردت أخلاق البعض من ضعاف النفس في السوشل ميديا وشبكات التواصل، انبروا وطعنوا الأخلاق في الصميم، اغتالوا القيم التي تربوا عليها، سحقوا كل المبادئ والمثل، سلطوا ألسنتهم وأقلامهم على الناس، خاضوا في الأعراض طعنوا في الأنساب، تجرأوا على كل ما هو جميل وعزيز في ديننا وقيمنا الإنسانية النبيلة اقحموا أنفسهم بدون معرفة أو علم، في كل أمر يخوضون فيه.
ليست هناك خطوط حمراء بالنسبة لهم لم يراعوا أي قيمة إنسانية نبيلة اتخذوا من الكذب والدجل والافتراء مركبًا سهلًا ليصلوا ويحصلوا على إعجاب أو ثناء، ينامون الساعات الطوال من النهار ثم يستيقظون ليلًا كالخفافيش ويبدؤون في سل سيوف التطاول على كل من يعارضهم ولو كانت معارضة تقبل النقاش والحوار.
ولكن هم لا يجيدون فن الحوار أو النقاش الهادئ الرزين الذي يخرج منه المتناقشون بفائدة تعود عليهم وعلى مجتمعهم ويزدادوا علمًا ومعرفة ولكن حوارهم ونقاشهم عبارة عن سب وشتم وإيذاء وقذف يتهمون كل شريف لأنه لم يركب معهم في سفينتهم الغارقة التي تمخر عباب الجهل المبحرون إليه، يدعون العلم ويعلم الله انهم بعيدون عنه كل البعد، اشربوا قلوبهم حب التفاخر والتعالي، ويحتقرون كل ما يدب على الأرض سواهم فتبًا لشبكات التواصل العنكبوتية أن كانت لم تصنع إلا لتلك الأفكار التعيسة التي لا تخدم أمة أو مجتمع.
وكم قلنا ربما هي حالات طارئة وسوف تزول قلنا ربما هي نزوة شبابية وسوف تضمحل وتنزوي ثم يعود القوم إلى رشدهم فإذا بها تزداد شرًا وتعلوا كألسنة اللهب التي تطال وتأكل كل ما يقف في طريقها، وعجب أمرنا إن ديننا الحنيف هو دين الأخلاق وكل القيم النبيلة فأصبح الآخرون ينظرون إلينا وكأننا تربينا على هذا الأخلاق التي يعافها كل حر نبيل ويعلم الله أن الآباء والأمهات في هذه الديار بل كل ديار اتخذت من النبع الصافي الذي فجره ديننا الحنيف، وقد حرصوا كل الحرص على تربية الأبناء على كل شيء جميل من القيم والأخلاق والمرؤة والنبل والشهامة وحب ومعاونة الآخرين.
فماذا حصل وما الذي غير الأخلاق وانا حين اكتب فو الله إن الألم ليعتصرني والحيرة تنتابني…
شبكات التواصل نعم أنها شبكات لاصطياد كل ضعيف نفس ولقد أجاد أعداء الأمة الخطة التي بها يهدمون أخلاق شبابنا وفتياتنا بل حتى أطفالنا والإنسان إذا لم يكن له رقيب من نفسه إذا خلا له الجو فعل ما يريد وكيفما يريد ويرتع في كل مرتع، عندها فقط يتجرع المجتمع وتتجرع الأمة مرارة انفلات أبناءها ليتلقفهم كل عدو موتور يترصد الهفوات والزلات وإذا فقد المربون السيطرة على الأشخاص الذين هم تحت أيديهم هنا تذهب جهودهم سدى وتغدو محاولاتهم ضياع وشتات وتيها…
وصدق الشاعر :
مَتَى يَبْلُغُ الْبُنْيَانُ يَوْمًا تَمَامَهُ
إِذَا كُنْتَ تَبْنِيهِ وَغَيْرُكَ يَهْدِمُ
مَتَى يَنْتَهِي عَنْ سَيِّئٍ مَنْ أَتَى بِهِ
إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ عَلَيْهِ تَنَدُّمُ
وأيضا :-
وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ
فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا
وأخشى ما أخشاه ويخشاه كل مربي يحاول جهده أن يرتقي بتربيته النشء أن يكون قد هدم سور الأخلاق والقيم التي بها تتحصن هذه الأمة الإسلامية التي جاء رسولها الكريم ﷺ ليتمم مكارم الأخلاق فيها لتكون بحق أمة وسطا ولن تكون كذلك إلى إذا كان الإيمان قائدها ودستورها..
يقول الشاعر محمد إقبال رحمه الله
إذَا الأيِمَانُ ضَاعَ فَلَاَ أَماَنُ؛ وَلَاَ دُنْيَا لِمَنْ لَمْ يُحيِّ دِيْنَا
وَمَنْ رَضِيَ الحَيَاةَ بِغِيْرِ دِيْنٍ فَقَدْ جَعَلَ الفَنَاءَ لَهَا قَرِيْنَا
وَفِيِ التَّوْحِيِدِ للْهِمَمِ اتِّحَادٌ وَلَنْ تَبْنَوا العُلَىَ مُتَفَرِّقِيْنَا
ألَمْ يُبْعَثْ لِأُمَتِكُمْ نَبِيٌ يُوَحِّدُكُمْ عَلَىَ نَهْجِ الوِئَامِ
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب