صباح الاثنين وفي موعد ذهابها اليومي لمدرستها كان أول يومٍ لها في قبرها.. تلك الروح الطاهرة التي مرت على هذه الدنيا كنسمةٍ رقيقة، الروح العذبة التي كانت بيننا حمامة سلام، ابتسامتها اللطيفة لا تفارق محياها، اجتمع الجميع على حبها، جمعني الله بها في مكان عملٍ واحد، استمرت معرفتي بها عامًا دراسيًا واحدًا، لم أرَ منها إلا كل خير، مُبادِرة، معطاءة، لا تنتظر رد الجميل، مُتفائلة، مُسالِمة، وجودها يبعث الطمأنينة والراحة.
هكذا كانت بيننا.. نُشهِدك يا الله على حبها وكريم طبعها وطيب معشرها وجميل مواقفها، الآن هي في رحابك ذهبت إلى ربٍّ رحيم، اللهم إنا نحسبها من أهل الخير والإحسان وأنت يا الله الحنّان المنّان اجعل أعالي الجنان مسكنها، اللهم إن عبدك ورسولك وخير البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (لا ينطق عن الهوى)، قال (أنتم شهداء الله في الأرض) عندما (مَرُّوا بجَنازةٍ فأثنَوا عليها خيرًا، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وَجَبَتْ، ثم مَرُّوا بأخرَى فأثنَوا عليها شرًّا، فقال: وَجَبَتْ فقال عُمَرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه: ما وَجَبَتْ؟ قال: هذا أثنَيتُم عليه خيرًا، فوَجَبَتْ له الجنةُ، وهذا أثنَيتُم عليه شرًّا، فوَجَبَتْ له النارُ، أنتم شُهَداءُ اللهِ في الأرضِ).. صحيح البخاري*
رحلت روحها بسلام وفاضت إلى بارئها، إلى رازقها الخُلق الحسن، إلى من فطر قلبها على حب العطاء، رحلت لتترك لنا سؤالًا.. ماذا قدّمنا؟ ماذا عملنا لآخرتنا؟ إلى متى اللهث بهذه الدنيا الفانية؟!
نذهب كل يومٍ في سباقٍ مع الزمن، ربما لا نجد مجالًا لنقف مع أنفسنا، لنراجع صحيفة أعمالنا، ربما أصابتنا الغفلة التي أنستنا حتى من حولنا، من هم بحاجتنا، إلى متى؟!
إلى الله نشكو قسوةً في قلوبنا، وإليه سبحانه نتوجّه بالدعاء أن يلطف بحالنا ويجمعنا برانيا وبمن فقدنا من أحبابنا في جنات النعيم.. (في جناتٍ ونهر، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر)!
زينب الجغثمي
مقالات سابقة للكاتب