مأساة وأي ماساة..!، نعيشها بهذا الزمن إذ تكالبت علينا المحن والمصائب وتنوعت الأمراض بشكل لم تعهده البشرية من قبل غير أن أشر الشرور سرطان العصر وآفة الشعوب “المخدرات” فاقت في انتشارها وآثارها وآلامها كل الأمراض، وتجاوزت كل المآسي، وضربت بسهامها وسمومها كل فئات المجتمع وتجرع منها ومن شرها الكبير والصغير الرجل والمرأة، فكم من أسر تفككت، وكم من أطفال عاشوا بسببها حياة تشرّد وانفصال، مهزومين نفسيًا، محطمين أمام طموحاتهم، والأدهى والأمرّ منهم من أصبح متعاطيًا أو مُروّجًا يسير على خطى من كان سببًا في وجودة بالحياة.
كم أبكت هذه الآفة من أم على وليدها، وزوجة تجرّعت آلام فقد الحياة الزوجية التي كانت تحلم بها بعد أن اكتشفت أن شريك حياتها ممن ابتلى بهذا الوباء، وكم من أب صُدم بابنه وكم من ابن صُدم بأبيه، ويا ويح مجتمع انتشرت فيه هذه الآفة فلا تبحث عن تنمية ولا بناء إنسان ولا تنشد فيه تقدّمٌ ولا حضارة، ولا تحلم بتعليم ولا ثقافة.
أكتب لكم اليوم عن هذا المرض الخطير وتلك الآفة التي باتت تنتشر بين شبابنا كالنار في الهشيم، وقد ازداد الأمر سوءًا هذه الأيام مع إطلالة الامتحانات ودخول الأبناء الاختبارات، ويبدو أن الأسر قد دخلت معها أكثر من اختبار وأكثر من امتحان، وربما هانت الاختبارات العلمية مع مواجهة الوقوف ضد اختبارات المخدرات والتفحيط والحوادث، حتى أضحى بعض أولياء الأمور يخافون على حياة الأبناء أكثر من خوفهم على إخفاقهم في تدني مستوياتهم العلمية أو درجاتهم التحصيلية.
وقد تحدث إلى أكثر من ولي أمر بمحافظة خليص والكامل ورابغ والجموم، يشتكون استفحال الأمر، فقد باتت ظاهرة مزعجة، بل إن الوضع أصبح مجاهرة من الباعة والمروجين، وقد تكاثر عددهم وتنوعت أساليبهم في التسويق والترويج، وأصبحت الطرق الرئيسية والفرعية بين المحافظات مرتعًا خصبًا لهم وتجمعات الشباب هنا وهناك هي فرص جيدة لتسويق عقاقيرهم وسمومهم.
وإنني هنا أناشد الجهات ذات العلاقة كمكافحة المخدرات والدوريات الأمنية وأمن الطرق بتكثيف جولاتهم وجهودهم في هذه الأيام، وأُهيب بالمجتمع بأسرة لا سيما وأنه مجتمع واعٍ مدرك ان نكون عين الوطن واليد الأولى له، نراقب خطوات الأبناء ونحرص كل الحرص على الإبلاغ عن كل من يشتبه في ترويجة للمخدرات، وأن لا تاأذنا في ذلك رأفة ولا رحمة، فمصلحة أبناءنا فوق كل اعتبار.
دعونا أيها الأخوة جميعًا نكون صفًا واحدًا ضد هذا الوباء المدمر للمجتمعات والسم القاتل الذي يفتك بنا في هدوء مميت، دعونا نشن عليه حربًا لا هوادة فيها كي نهزم هذا المرض وننجوا جميعًا من شرها ونحفظ لأبنائنا حياتهم ومستقبلهم.
حفظ الله بلادنا وولاة أمرنا من كل سوء ومكروه، وأدام علينا الأمن والأمان والصحة والعافية في الدين والأبدان.
أحمد عناية الله الصحفي
رئيس تحرير صحيفة غران الإلكترونية
مقالات سابقة للكاتب