مبادرة محافظة خليص

ما أجمله من اسم وما أجملها من مبادرة .. نعم “درب الأنبياء”..

إن الله سبحانه وتعالى عندما أراد بحكمته البالغة أن يجعل في الأرض خليفة ليعمرها بعبادته وبطاعته خلق أبا البشر آدم عليه السلام وأسكنه جنة الخلد ، ثم حدث ما حدث من إنزاله إلى الأرض ، وهذا كله بإرادته سبحانه ثم تكاثر بنوه وكانت الهجرة إلى شتى بقاع الأرض ليعمرها هذا المخلوق وحدثت هجرات كثيرة على طول التاريخ الإنساني ..

ولكن مالا شك فيه ولا ريب أن أعظم الهجرات جميعها هجرة النبي الكريم محمد ﷺ حين جهر بالدعوة إلى الله بعدما أرسله ربه ليخرج الناس من ضلالات الوثنية وعبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ولكن أبى أصحاب العقول المتحجرة التي لم ترد أن ترى النور عقولها وآثرت العيش في الظلام والوثنية وكل ما يهين عقل الانسان ، نعم قامت قيامة قريش التي ظنت أن محمد جاء ليسلبها امتيازاتها في مكة لأن لها مصالح؛ فمكة بالنسبه لهم عبادة وتجارة وهم المتحكمون على كل قبائل العرب التي تؤم هذا البيت للحج فثارت ثأرتها وكان الصلف والكبر قائدها في حربها للإسلام ، فلم يجد الرسول الكريم وصحبه الذين آمنوا معه ونصروه إلا أن يتركوا ديارهم التي أحبوها فهي موطنهم وأحب بلاد الله إليهم ، ولكن عندما يزداد الظلم والافتراء لابد للانسان أن يفر بدينه إلى مكان يستطيع أن يعبد فيه ربه بحرية وخشوع ، فكانت وجهتهم يثرب طيبة الطيبة المدينة المنورة نعم طريق الهجرة والذي يعنينا حقيقة من هذا الطريق هي القرى والمحافظات التي تقع على خط الهجرة ، أعظم هجرة في طول التاريخ وعرضه ، حيث هناك تقام أمة جديدة ودين يكرم بني الإنسان ويجعله الكائن الأعلى والأسمى منزلة بين مخلوقات الله ، نعم سار النبيﷺوصحبه على هذا الطريق حتى وصلوا إلى المدينة وأقاموا دولة العدل والاحسان هناك .

إن مبادرة درب الأنبياء في محافظة خليص لخدمة حجاج وزوار بيت الله الحرام ومدينة المصطفى ﷺهي مبادرة تحمل كل معاني الخير التي يجب أن تقدم لسالكي هذا الدرب ..

خرجت هذه المبادرة لتقول للناس إن الله وقد أكرم هذه البلاد وأنعم عليها بخدمة بيته المعظم فمن شكر النعمة على هذا الكرم وهذه المنحة التي اختارهم لها من بين مليار وسبعمائة مليون مسلم يتوجهون في صلاتهم نحو هذا البيت ، أن يتفانى أهل هذه الأرض في خدمة ضيوف الرحمن ..

مبادرة قامت بها رجالات هذه المحافظة وعلى رأسهم محافظها الدكتور فيصل الحازمي وكل المتعاونين معه من رجال ونساء في هذه المحافظة …

وإن كانت هذه المبادرة قد ولدت حديثا فإن القائمين عليها في نيتهم جعلها تستمر ما استمرت وفود الحجيج تسلك هذا الطريق ، ويجب على كل من يقطن هذه المحافظة أن يشعر بالفخر والكرم الذي منحه الله لها ..

محافظة خليص أرادت أن تقول للناس جميعاً : “نحن لسنا أقل خدمة للحجاج والزوار والمعتمرين من أهل مكة والمدينة” ، فإننا جميعاً ننتظم في سلك دولة أخذت على عاتقها خدمة وراحة حجاج بيت الله منذ تأسيسها إلى ماشاء الله ، فإن البركة كل البركة تدثر كل من قام ويقوم في خدمة حجاج بيت الله وزوار مسجد المصطفى ﷺ بإخلاص النية لله رب العالمين ..

وأنا أرى الاستعدادات لهذه المبادرة قائمة على قدم وساق ، فهي ليس مجرد شعارات تطلق كبالونات الهواء وإنما هي حقيقة ماثلة للعيان على أرض الواقع .. اسأل الله أن يبارك في الجهود .

إبراهيم يحيى أبو ليلى