الاختلاف سنة إلهية أزلية في سائر عوالم المخلوقات وهذا التنوع دل عليه الشرع “ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك”.
“في اختلاف الأصدقاء شماتة الأعداء ، و في اختلاف الإخوة فرصة المتربصين ، و في اختلاف أصحاب الحق فرصة للمبطلين“.
أعطينا فسحة واسعة بحجم السماء للمشاركة نصاً وصورةً وصوتاً من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة ، فبدأت جموع المغردين والكتبة في ركوب هذه الموجة المائجة التي جرفت الكثير منا الى التعصب والنظر القصير وأصبح سقف الحرية لا يتعدى الرؤوس عند الكثير “إلا من رحم ربك” وقليل ما هم، فانكشف الكثير، وتكشفت الصورة الحقيقية التي يحملها كل منا عن الآخرين.
فأصبح لدينا فريقان يشدان المجتمع بكافة الوسائل طرف في أقصى اليمين وآخر في أقصى اليسار ، كل يحاول جره إلى صفه والتبرك بمدحه.
لقد أصبح المجتمع أكثر وعياً وإدراكاً لكثير مما يحاك ويراد له، لذا من الصعب جداً جره ذات اليمين أو ذات الشمال، وهذا يكاد يكون مسلماً به فالقواعد التي ينطلق منها مجتمعنا أساسها متين وموغل في المتانة إذ الاستناد إلى ما جاء به الدين الحنيف (بعيداً عن جفاء الغالين، وانفلات المفرطين) هو سفينة النجاة التي يعرف قدرها من بنى أساس تعامله ومعاملته في شئون حياته على نهج رباني أوله هنا (الدنيا)، وآخره جنة عرضها السموات والأرض.
لذا فنضج المجتمع يكون بالقرب من منهل الوحيين الصافي، والبعد عما عداهما، الذي لا يخلو من تسرع المتسرعين وتعجل المتعجلين في ركوب موجة ضد أو مع دون هدي ولا هداية . وهنا نستطيع القول أن الاختلاف لا يفسد للود قضية.
محمد سعيد الصحفي
مقالات سابقة للكاتب