عدو عاقل خير من صديق جاهل!

كأفراد ومؤسسات نحن بحاجة إلى فهم عميق، إلى صديق عاقل يحيطه العلم والحكمة والمعرفة والتجربة ، لكن الأهم أن تتيقن أنك لا تصادق جاهلا (فعداوة العاقل خير وأقل ضررا من صديق جاهل ) ، هكذا أراد بها الحكماء ولم يكن قائلها يوما جاهلا ولم يتناقلها العرب والعجم سريعة كالريح حتى علم بها الكثير، يكاد يصدقها كل عاقل حكيم لما فيها من حكمة بالغة تغني عن نصائح عدة وتمنع شرا كثيرا تبعد عن صاحبها الوقوع في التصرفات الهوجاء الغير محسوبة.
العدو العاقل يسهل التفاهم معه ، فهو يمنحك عقلا للتوصل إلى اتفاق ، في حال الاختلاف يشير إلى الحق بما يمليه عليه عقله وحكمته وتجربته ، يجبره العقل على قول الحق والوصول إلى الحقيقة ، عادلٌ في تصرفاته وإن تصاعد الخلاف ، منصفا في حكمه وإن كان ظالما ، العاقل لا يصنع العداوة ولا يتعمدها ؛ يضع خيارات واحتمالات واعذارا للخطأ حتى لا يفسد الود ، وخط رجعة للصداقة إذا وقع الخلاف حتى يتيقن الحقيقة ليصلح ما أفسده سوء الفهم من أخيه ، سعادته أن يرى صديقه في حال تفوق ما هو عليه , يسمع مباشرة ولا يسمع من الوشاة ، يرى المصلحة والمعروف ولا يرى الانتقام والاستنقاص .
والخوف كل الخوف من صديق جاهل يضرك حين يريد نفعك ، يشير عليك بما تمليه عاطفته وليس علمه ، يوقعك في المصيبة بقصد أو بدون قصد ، الجاهل أحمق والأحمق كاسد العقل والرأي، أعمى البصيرة ، يغصب حيث لا غضب ، يفرح حيث لا فرح ، يرى كل الناس أعدائه ، يشعر بالنقص، متناقض لا يرى في مستقبله أمل ولا في حياته فائدة غير العيش في قفص المظلومية ، اذا غضب يحاول جاهدا أن يغضب من حوله ويلومهم إذا لم يغضبوا معه ، يتكلم فيما ليس فيه منفعة ، لا يطلب منه رأي ويدلي برأيه كما الثرثار ، لا يفكر في العواقب ولا يحسب لها حساب ، يفشي السر ويضيق به ذرعا إذا كتمه ، يظن نفسه مصدر أخبار للمجتمع ، يكذب حين يصدق الناس ، يشعر بالغرور إذا ما أقبلت عليه ، وإذا بعدت عنه خاصمك وفجر ، إذا وافقته رأيا صفق لك، وإذا خالفته هجرك ،
هنا تكمن أهمية صديق عاقل كما حاجتنا إلى الحياة في عيش وسلام وطمأنية (فكم من جاهل أردى حكيما حين آخاه)
هكذا يقينا كا قال الثوري: (النظر إلى وجه الأحمق خطيئة مكتوبة) إن عدوا عاقلا خير من صديق جاهل،
أخيرا وأكاد أجزم أن الابتعاد عن الصديق الجاهل قربان إلى الله وسدا منيعا للوقوع في الخطأ الذي لا تريده ، وقد يوقعك فيه صديق أحمق . وأننا بحاجة الى العاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه ويزنها بميزان الله وبعقله الذي رزقه إياه.

حسن القحطاني

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “عدو عاقل خير من صديق جاهل!

ابراهيم مهنا

مقال ماتع شكرا أستاذ حسن
وهنا أبيات منسوبة لأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه
فلا تصحب أخا الجهل=وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى=حليماً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء=إذا ما المرء ماشاه
وللشيء من الشيء = مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب = دليل حين يلقاه

لمياء

وَلَمَن يعادي عاقلا خير له ..
‏من أن يكون له صديق أحمقُ ..

‏فارغب بنفسك أن تصادقَ أحمقا ..
‏ إن الصديق على الصديق مصدَّق ..

‏ابن حبان في كتابه روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *