حرث البحر !

لعلها من التجارب المؤلمة التي مر بها نظام التقويم والاختبارات في التربية والتعليم ، حيث بدأنا نجني ثمارها المرة هذه الأيام !

      فالذي سن نظام التقويم المستمر كآلية لانتقال الطالب من صف لآخر سيتحمل وزر هؤلاء الطلاب ( الدفعة الأولى تخرجت أو على وشك التخرج من الجامعة في تقديري ) ، فالمستوى التعليمي ( قراءة وفهماً ، صياغةً وإملاء ، تحليلاً وتركيباً ) والانضباط والإنتاجية ( تجذر عادة الغياب واستمراء التسيب واللامبالاة ! ) ، تتهافت عند أول امتحان حقيقي يواجهه الطالب (الضحية) في الحياة العملية.

     كل ما سبق يقره القاصي والداني من العملية التربوية والتعليمية. لكن ما السبب؟ لن نتوقف كثيراً ، ولن نلقي باللائمة على المدرسين أو الوزارة أو إدارات التعليم أو المساجد أو المدرسة أو البيت ( مع التأكيد على أن من ذكروا آنفاً لكل منهم جانباً من المسئولية عن هذه النتيجة ).

     لكنني أقول إن غياب المنهجية (خطط وطرق عمل تبنى على قواعد محددة) ، وحضور وطغيان الشخصنة (فكر شخص المسئول وتوجهاته) في إدارة الجهات الخدمية ( التركيز على التربية والتعليم هنا ) هو أس وأساس المشكلة في رأي ، فهذا الغياب وذاك الحضور مع تعاقب المسئولون أدى إلى تحول هذا الميدان الحيوي إلى حقل تجارب مبتورة وغالباً منبتة لا ظهراً أبقت ولا طريقاً قطعت !!

     خلاصة القول ، إننا بحاجة إلى أزمنة مديدة وأعوام عديدة ، كي نتخلص من آثار هذا النظام (رداءة المستوى التعليمي والسلوكي عند الكثيرين من ضحايا نجح نجح !) ، ويتواكب معها منهجية عمل وفكر يؤمن بالإنجاز المبني على رسالة ورؤية واضحة ، وبغض النظر عن تعاقب الأشخاص (مع إيماننا بتأثيرهم وضرورة تولي الأصلح على كافة المستويات). 

     غير ذلك فإننا سنظل نحرث في البحر!!

إضاءة:كتب هذا المقال قبل التغيير إلى وزارة التعليم ، فالذي نؤمله هو مزيد من الثبات والاستقرار المدروس لأنظمة التعليم (نظام الاختبارات والتقويم خصوصاً)،ونرجو للوزير الجديد التوفيق والسداد.ولنا عودة إن شاء الله 

أبوعمر محمد بن سعيد الصحفي – محاضر بالكلية التقنية بجدة

مقالات سابقة للكاتب :

– يا من لا يزول ملكه

– وفد العزايم

– النذير العريان

الرأي والرأي الآخر !

 أعطني شاشة ، أعطيك شعباً

– سياط التغيير

– مشاريع غران التنموية وآفة النفس القصير 

– أمن أجل الدرجة وصلنا لهذه الدرجة ؟!

– تنمية البشر قبل تنمية الحجر 

– الساعة 11 … لا أحد يتأخر!!

– التدجين وتمزيق الكتب

مقالات سابقة للكاتب

7 تعليق على “حرث البحر !

أبوسعود

اتفق معك يا أبوعمر
فعلا نظام التقويم المستمر للأسف أخرج لنا أجيال لا تقرأ ولا تكتب
ولا أعني أنها ما تفك الحرف لا ولكن أعني أنها لا تعرف تكتب كتابة صحيحة خالية من الأخطاء
ولا تقرأ قراءة صحيحة
اتمنى أن يتغير النظام ويصبح أكثر جدية في التعليم وأن يكون التركيز على الكيف لا الكم

عبدالرحيم الطياري

اعتقد تم الغاء نظام التقويم المستمر
اتذكر خالد الفيصل أصدر قرار
النظام كنظام جيد لكن التطبيق كان خطأ
وهذه مشكلتنا نستورد أنظمة ناجحة في بلادها ثم نحرفها عن هدفها
لما طبقنا نظام التقويم المستمر فهمنا المدرسين أن الرسوب ممنوع ولازم الطالب ينجح
مع أن هذه الجزئية ليست من أهداف النظام

شجن

شكرا على طرح موضوع التعليم
مستوى التعليم متدني جدا بالنسبة للمعلمين والطلاب الجميع والسبب النظام نفسه يخرج آنصاف بل أرباع متعلمين
والان تم دمج التعليم الجامعي مع العام يعني بتخرب تمام

ابو عبدالعزيز

اخي ابو عمر
كما عهدناك رائع في طرحك مميز في توصيفك
بالرغم من اتفاقي معك في اغلب ما طرحته لكن لي مداخلة
نتفق جميعاً على عدم جدوى نظام التقويم المستمر ليس لفشل النظام بل يعتبر من افضل انظمة تأهيل واعداد الفرد لاكتساب مهارات ومعارف مختلفة فقط اذا طبق بالطريقة الصحيحة
ونتفق جميعاً ان نظام الاختبارات ليس النظام الجيد الذي يعتمد عليه
لذا ليس العيب في النظام بل في آلية التطبيق ووسائلها وادواتها
ودمتم بخير

ضوء النهار

جميل من الممارسين للعمل التعليمي في الميدان التربوي أن يناقشوا مثل هذه المواضيع ، لتعرف نقاط الضعف وتطرح لها الحلول والبدائل لا أن يقدم فقط النقد السلبي المبتور الفائدة .
الأستاذ الفاضل / وإن كنت أتفق معك في جزء مما كتبته خاصة في قولك :إن غياب المنهجية (خطط وطرق عمل تبنى على قواعد محددة) ، وحضور وطغيان الشخصنة (فكر شخص المسئول وتوجهاته) في إدارة الجهات الخدمية ( التركيز على التربية والتعليم هنا ) هو أس وأساس المشكلة ، فهذا الغياب وذاك الحضور مع تعاقب المسئولون أدى إلى تحول هذا الميدان الحيوي إلى حقل تجارب مبتورة وغالباً منبتة لا ظهراً أبقت ولا طريقاً قطعت !!
إلا أني أختلف معك في نقدك لنظام التقويم المستمر وأتفق مع الزميل أبو عبد العزيز ، في أن هذ النظام – لكوني ممارسة للتدريس ومجرّبة له – نظام تعليمي ناجح ورائع ، لأنه يركز على المهارات الأساسية التي يجب أن يتقنها الطالب وتستمر معه ويحتاجها لاستكمال تعليمه إذا أعطيت وتوبعت بالشكل الصحيح ، أما نظام الاختبارات -فمعذراً- فقد كان يركز على نسبة معينة من الدرجات على الطالب أن يتحصل عليها بغض النظر على أي مهارة ، ويتحصل عليها وينجح ، إلا أنه – وللأسف الشديد- لم يجد لنظام التقويم البيئة المناسبة للتطبيق ، مما أدى إلى تهاون وتساهل المطبقين له ، فأبسط الأعذار التي تجدها من المطبقين له في المدارس ،( العدد كبير لا يكفي لتقويم الجميع – التوثيق والشواهد كثيرة – المسؤول يريد الجميع أن ينجح – المسؤول يقول : لم أنت الوحيد الذي لديك مقصرين لم يتقنوا ، لم أنت المتأخر في تقديم نتائج طلابك ، فيتعجب المجد هل الخلل في !! …) إلى غيرها من الانتقادات التي يكررها البعض دون وعي لما يقول وإن جلست معه لوحده ليناقش الصعاب ويوجد الحلول لم يكن لديه المنهجية الصحيحة لدراسة المشكلة وإيجاد الحل ، وإنما فقط يكرر ما يقال في الميدان ( وهذا حالنا في جميع قضايانا)
ولقد رأيت – ويشهد الله – من المطبقين للنظام من كان حريصا على تطبيقه حتى لوحظ أثر جهده على طلبته في المراحل المتقدمة للطالب ، وشهدت ممارسات الطلاب للتعليم فيما بعد على من طبقه بإتقان ، ممن استخدمه عمليه سهلة ، فكانت شاهدا عليه في الدنيا قبل الآخرة .

محمد آبوفهد

أملنا كبير في الوزير الجديد لأن يركز على دعم المعلم من أول يوم استلم الوزارة
على عكس غيره الذي جاء للوزارة وهو يرعد ويزبد ويتوعد المعلمين
الفرق كبير والامل كبير

ضوء النهار

لن يكون هذا ردا على الموضوع الرئيس
وإنما سيكون ردا على آخر رد ورد.
ومعذرا سيكون الرد جامداً لكن الأمر يحتاج لذلك . وعذراً أيها السامع ليس كل ما نسمعه صحيح ، فالمفاهيم والمشارب والغايات وتحقيق الأهداف تختلف من شخص لآخر ، لذا أؤكد أنه لم يخطىء بعض وزراءنا ، و لم يكن كلامهم قدحا أو وعيدا للمعلمين والمعلمات فقد رموا بكلامهم عين الحقيقة وكانت جملهم رفعة لمهنة التعليم ولم تكن انتقاصا.
وحتى نكن منصفين، واقعين عدلاء تعالوا نطبق كلامهم على واقعنا ونقيس نسبة من تقدم لمهنة التعليم بشغف ووله وحب لهذه المهنة ،
بنسبة من حلم أن يكون طبيبا او مهندسا او ملازما أو حلم بعملاً في الخطوط مثلا .. أي منهما أكمل وصارع ليحقق حلمه، وتحدى الصعاب وواصل ليصل ، قارن بين تحقق الأحلام ، تجد عجبا !!
علينا ألا نكابر ، فبداية من تقدم لهذه المهنة لم يتقدم لها رغبة وحلماً ، وإنما كانت أحد الطرق السهلة الموجودة ، وحتى وان كان يعلم حقيقة أن هذه المهنة شاقة ووعرة كما هو معروف ولا يختلف على ذلك اثنان وبها ألف صعوبة وصعوبة ، إلا أن النظرة التي سادت هي كن معلماً تفز باجازة وراتب ولم يقال. : أتحلم أن تكون معلماً ، أتتألم لواقعك ، ألديك رسالة تود ايصالها ، ألديك زخم من الآمال لتحقيقها لتغيير مستقبل الأجيال. ؟
من كان معلماً حقاً سيعرف عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه وسيعرف نسبة تحققها في الميدان !!!
نحن شعب نحتاج لرجل حازم ، ومالم ينزع بالقرآن ينزع بالسلطان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *