لا أظن أحدا في بلدنا إلا متبرعا ، أو متصدقا مبادرا ، أومشاركا في مشروع بر ، ساهم في ذلك ودفع إليه ، دعاية أو دعوة وطلب، فالدعايات الواعظة والدعوات الطالبة المؤثرة والمحفزة للتبرع كثيرة ، من جمعيات البر الخيرية والمكاتب التعاونية للدعوة وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم وجمعيات متنوعة أخرى متعددة ، وأرقام الحسابات تنشر ، والناس تتبرع والأموال تتدفق ، وقد وضعت الجهات الحكومية المسؤولة تنظيما ورقابة تكفل صرف هذه الأموال في جهاتها ، وتضمن سلامة مصادرها ، وطرائق جمعها ، وقضت على عشوائية كانت قد تسببت في إحداث مشكلات صعبة بل ويلات !
لكن أمرا مهما لابد من إصلاحه وتحسين نظامه ، فنحن نرى عمائر الوقف السكنية والتجارية السكنية التي تم تمويلها من هذه التبرعات تنشأ ، ثم تقفل إما لقلة المستأجرين أو لكثرة المعروض في السوق ، أو لسوء مواقعها ، وهو أمر متوقع فالذين قاموا على هذه الأوقاف محتسبون خولهم لذلك كونهم من أعضاء مجلس إدارة هذه الجهات ، وجزاهم الله خيرا على نياتهم الطيبة وغفر لهم تصرفاتهم التي لم تكن على بصيرة استثمارية تجعل من تلك الأموال الوافرة المتبرع بها ذات عائد يصب في ميزانية جهاتهم الخيرية أموالا ويصب في ميزان المتبرعين حسنات أكثر .
فيا وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ألا يمكنكم مثلما جعلتم أنظمة لاستدرار تلك التبرعات ثم لمصارفها وضبط ذلك من قبل جهات محاسبية تخصصية أن تجعلوا أنظمة مسؤولة عن ترشيدها ، ووضع جهات كذلك متخصصة في دراسة جدوى المشاريع الوقفية ، ليستفاد من تلك الأموال بصورة أفضل وضمان عدم خسارتها ؟ أو تعطلها قبل تمام إنجازها بسبب توقف التبرعات ؟
ألا يمكنكم أن تدعوا إلى تأسيس شركات استثمارية تشغل تلك الأموال وتدير الأوقاف الخيرية وتنمي عوائدها ؟ ويُجعل كذلك نظام مساهمة يُسرّع الاستفادة من تلك التبرعات فلا يطول زمن إيداعها ؟ وتخصص المساهمات فقط لجهات العمل الخيري ، ثم ألا يمكن للغرف التجارية أن تساهم في ذلك وهم بيوت خبرات تجارية ؟ ثم ليكن شرط إنشاء أي مشروع وقفي استثماري موافقة الوزارة عليه مسبقا .
بدلا أن يكون العمل مجرد اجتهادات شخصية من محتسب ليس له خبرة في الاستثمار ولا فكر تجاري ولا معرفة بالتنمية الاقتصادية ! ثم عمارة وقف مقفلة ، وأخرى لم تكتمل وطال عليها الأمد وتعطلت فيها أموال متبرعين ، وعمارة عمرها ربما تجاوز العشرين عاما ودخلها لم يأت بتكلفة إنشائها ، خاصة في مناطق لا كثافة سكانية فيها ، وبها وفرة تفيض عن الحاجة.
أحمد مهنا الصحفي
مقالات سابقة للكاتب