أيها القارئ .. أنت مراهق !!

بما أن رمضان طرق الأبواب نستفتح ونقول : يا أيها القارىء : أنت مراهق ,,,

قد يكون هذا العنوان مكتوب بلغة سمجة , لكن هذه هي الحقيقة .

تعريف المراهقة عامة : شخص في مرحلة البلوغ يقرأ ويسمع الكثير من التوجيهات ولكن بلا فائدة .

ثلاثة أسباب دفعتني لكتابة هذا المقال بعد انقطاع طويل :

السبب الأول : استشهاد غير المسلمين بالقرآن الكريم , وبالذات العلماء وأصحاب البلاغة في اللغة , ويعود ذلك لأنهم وجدوا شغفهم وضالة عقولهم بين طياته , يقلبون صفحاته المعجزة لغويا وعلميا وهم مدركين , لا مرددين بأنه معجزة فقط دون علم, أما سبب عدم إسلامهم لأنهم لم يسلموا منا .

((وسنتدبر)) سويا بعض الآيات التي (نقرأها) دوما بعمق وببساطة .

يقول تعالى :( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) لم يقل سبحانه تهزهم هزا , فقوله تؤزهم أي تدفعهم بقوة وتزعجهم , أما في قوله ( وَهُزِّي إِلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلَة) قوله هزي إليك أي ادفعيها برفق , بالإضافة إلى الفائدة اللغوية نستنتج أنه رغم الآم المخاض وصعوبة الموقف , فعلت مريم عليها السلام السبب فماذا حصل بعد ذلك (تُسَاقِط عَلَيْك رُطَبًا جَنِيًّا ) تُساقط أي تتابع السقوط وليس لمرة واحدة .

لماذا لم ترتبط كلمة قوم مع عيسى عليه السلام , مع أن موسى وعيسى عليهما السلام مرسلين إلى بني اسرائيل , نقرأ قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي) , وقوله (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) السبب هنا لغوي فقوم الرجل هم عشيرته من جهة أبيه وعيسى عليه السلام ليس له أب.

نتمتم سورة الكهف كل جمعة مع انحناء الجسد المتكرر ,دون أن تستوقفنا الكثير من التساؤلات اللغويه والعلمية والتشبيهات البليغة , يقول تعالى :(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ), السؤال هنا هل كانت أعينهم مفتوحة أثناء نومهم !!

(وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ )

يقلبهم سبحانه ذات اليمين وذات الشمال لكي لا تتعفن أجسادهم الكل يعلم ذلك , لكن لماذا لم يشمل ذلك الكلب أجلكم الله , هل تكوين جسد الكلب يختلف عن البشر !!

(لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا )

أعينهم مفتوحة ويتقلبون والشمس لا تمسهم وكلبهم باسط ذراعيه بالفناء منظر مهيب , فبالتالي لا يستطيع أحد أن يمعن النظر بل سيفر من هول المنظر ولا يعرفهم فيفتنون .

قال تعالى في وصف الجنة (فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) كذب المشركون وعارضوا أنها مرفوعة وكيفية صعودها , فأتاهم الرد ( أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) فالإبل رغم ارتفاعه هو الوحيد من الحيوانات ذوات الأربع يبرك ثم يقوم بحمل الانسان والأثقال , فالله جل وعلا يسخر مايشاء لمن يشاء , وغير ذلك من التأمل في الإبل بصفه عامة من طريقة تخزينها للمياه ، وصفين من الرموش وشعر يغطي الأنف ويحميه من الأتربة والكثير دون غيرها .

يقول جل جلاله للمستكبرين من الكفار بأنهم لن يدخلوا الجنة (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) ,يجب أن نستمتع هنا بالدقة والسلاسة في استخدام المفردات, في هذا التشبيه استخدم الجمل ولم يستخدم الابل التي تشمل (( العير _ الناقة _ الجمل _ البعير )) في مواضع مختلفة ( والعير التي أقبلنا فيها ) وقوله : ( نزداد كيل بعير ), لأن الجمل أضخم مراحل نمو الإبل وأكثرها هيبة دون غيره , فأراد أن يعجزهم بإستحالة دخول الجنة حتى يدخل الجمل من ثقب الابرة .

وقصة موسى عليه السلام في سورة القصص ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ)

نستنتج هنا عدم اختلاط الرجال بالنساء في العمل وغيره .

وفي سورة الروم نتأمل علميا آلية سقوط المطر :

( اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ )

السبب الثاني : حيرني كثيرا بكاء البعض من أهل الصلاح على أبسط الآيات , وهؤلاء طبعا لا تشملهم صفة المراهقة ولا يهمهم رأيي فهنيئا لهم بجنة عقولهم , بحثت فوجدت الرد في قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ) .

السبب الثالث : يجب أن يعبد كل منا ربه بطريقة تميزه عن غيره , تفَكر واعرف عن خالقك أكثر , اعرف عن نفسك أكثر ,تخلص من قراءة المراهقين خذ المصحف الآن ، امسك حروفه واحدا تلو الآخر ،قلبها تمعنها تدبرها تأملها دون الخروج عن تفسير الثقاة رحمهم الله , وأعدك بأنك ستكتشف شيئا جديدا لم تكن تتخيله ,

أيها المراهق عفوا أيها المتأمل :إن شد انتباهك العنوان فالأولى بك تدبر القرآن .

لايهم أين وصلت في القرآن , المهم أين وصل بك القرآن.

قبل الختام والله لا أعلم إن كانت نيتي خالصة للمولى عز وجل أم لا ، وللأسف الشديد جميعنا نعبد الله داخل برواز صغير جدا ونقنع أنفسنا بأننا الحق , هذا البرواز يحمل خطباً مكررة حفظناها , وعادات تزاحم العبادات ورثناها , ومن ضوابط هذا البرواز إن ضحك أهل الصلاح كُفِروا , والمذنبين أمثالي إن وعَظُوا شُرِحوا وذُبحوا , لذلك قررت أن أحطم هذا البرواز , وأعبده كما يشاء.

إذا لم يعظ الناس من هو مذنب ** فمن يعظ العاصين بعد محمدٍ

أخيرا : أعد التفكير في تفكيرك فأنا وأنت والأشياء من حولك بحاجة إليك .

 

مشهور عبدالعزيز الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “أيها القارئ .. أنت مراهق !!

ابو منصور

مقاله مفيده جدآوانا اول المراهقين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *