هناك بين جبلين ،وطريقين رئيسيين ، وبين مدخلين للمحافظة ، ووسط ركام من الرمال ، أتى القدر وحضر النصيب وجاء المخاض لتسقط المولودة بريئة بلا أب ولا ولي أمر أشبه بصخرة سقطت من السماء فتلقفتها الأرض ورحبت بها وسعدا ببعض تركت هكذا في العراء بلا زاد ولا كلأ .
نشأت هذه المولودة تعتمد على نفسها وتتقوا يوماً بعد يوم وترعرعت وكبرت وزاد حجمها وكثر زوارها وأصبحت ذات منصب ومال وجمال مما زاد في خطابها وحط بجوارها كل قريب وبعيد من محتلف مخلوقات الله وأصبحت تطعم وتكسي الجائع والمعتر وابن السبيل وهي كلما تقدم بها العمر ربت ونمت وتفرعت وزاد تسلطها وجبروتها غير أنها معطاءة لاترد سائلا وﻻ طالب حاجة ، هذه المولودة العجيبة سر حياتها في ساقيها وروحها متعلقة حباً فيه ولن تنفك منه البتة فهما روحان بجسد واحد ومع ذلك هو لا يطيقها وهي أيضاً لا تطيقه لكنهما يعلمان أن بقائهما باستمرارهما مع بعض ، هو يسعى إليها لكنه لايمكث عندها دقائق فيغادر وما يلبث إلا ويعاود الكر والفر ثانية تراه يجوب الأحياء وينزل غير مرحب به عند كل الأخيار دون استثناء وأن فقد سئل عنه وطلب وإن حضر رحب به على مضض وُطرد على عجل يا له من صاحب وزائر كرية فرض على أحياء خليص عنوة وأصبح ما ليس منه بد .واليوم المولودة أصبحت شابة تشاهد من علو ومن قرب ومن بعد . ومن العجب في وضعها أن تخلق منهما أخوات لها بنفس شكلها ولونها وطيبها وعطرها وصفاتها وحتى حبها وكرهها .
أسفت لهذه المولودة التي أصبحت عقبة كؤدة وخنجر مسموم زرع في خاصرة رقيقه تحمل ذكرى عزيزة إذ سار بها أو بجوارها خير من على الدنيا أطل وعلى دروب الأنبياء هاجر واعتمر صلى الله عليه وسلم إذا مر بجبل جمدان فقال سبق المفردون.
فياليت شعري هل من مخبر رجال قومي عن خطورة هذه المولودة فيغدوا عليها جمعاً فيؤدوها رجماً ودفناً بلا رحمة ولاشفقة ويكتبوا على قبرها نصاً ورسماً يشير أن المولودة سميت فيما بعد بحيرة مسك خليص الموءودة بشباب كلهم عزم وبطولة.