حين أسير في شوارع مكة العتيقة وأتلفت وكأنني أبحث عن شيء فقدته منذ زمن بعيد وبالتحديد منذ زمن الطفولة اتلفت باحثاً عن المراجيح القديمة عن الأبواب الخشبية المزينة بنقوش فناني ذلك الزمن، أبحث عن المنازل التي تزينها الرواشين بنوافذها القلابة، أسير في أيام العيد أطرق الأبواب فتفتح وتمد يد كريمة تعلوها نقوش الحناء تمسك دريهمات وحلاوة حلقوم ولوزية وحمص وتقول في حبور من العايدين يا أولادي.
في الحارة كل شيء فيها يعلوه الفرح والبهجة لأن اليوم عيد فما أجمل العيد في عيون الأطفال الأولاد يلبسون بدلات عسكرية وعلى اكتافهم رتب على حسب طموح كل طفل والفتيات قد عقصن شعورهن ووضعن البكلات والشرايط الزاهية الملونة كألوان قوس قزح في ايديهن شنط صغيره نعم نسير تغمرنا الفرحة لانه اليوم عيد ( والعيد فرحة )، نطرق الأبواب وكلنا أمل أن تمتد يد أخرى وأخرى لتعطينا ( العيدية) نركض من زقاق إلى زقاق وقد نعبر الحارات التي تزينها (الفازات) ومراكز العمد نسمع النداءات من كل مكان فنهرع نحو الصوت لأننا نعرف أن هناك من ينادي ليعطينا عدية وإذا تعبنا نجلس في ظل أحد البيوتات ويخرج كل واحد منا ما جمعه من نقود ثم إذا أخذنا قسطًا من الراحة نتشاور فيما بيننا لنذهب ونركب المراجيح الخشبية الله على زمان وايام زمان.
عجيب هذا الأمر أنني عندما شرعت في كتابة هذا المقال لم أكن انوي أن أكتب عن أيام الزمن الجميل ولكن شيء ما دفعني لأن استرسل في ذكر العيد أيام الطفولة شيء ما يلح علي أن أتذكر ما كنا نراه في العيد في تلك الحقبة من تاريخ حياتنا فلكل منا تاريخه وقصصه التي تتخلل ذلك التاريخ وذلك العهد واليوم وأنا في طريقي من الحرم إلى البيت بعد أن انقضت صلاة العيد رأيت الأطفال وفي اعينهم بريق يتلألأ بفرحة العيد منهم من ينظر إلى حذائه الجديد وكأنه يريد من كل المارة أن ينظروا له الذي، ومنهم من يحاول إبداء بعض ما يقتنيه من ملابس العيد .
وهنا أتذكر ورغمًا عني وليس باختياري أن هناك أطفال على طول البلاد الإسلامية وعرضها وأقصاها إلى أقصاها هناك أطفال لم يعرفوا ما معنى فرحة العيد لم يعرفوا ما معنى الثياب الجديدة والأحذية الجديدة ولن نكون مغاليين أن قلنا لم يعلموا أن اليوم عيد لأن من الاطفال من فقد والده الذي يجلب له مقتنيات العيد تاركا وراءه أما لا تقدر ان توفر لهذا الطفل اليتيم ما يجعله يلهو كباقي الأطفال فلكي لا يتألم الابن تحاول ان تغلق اجهزة التلفاز كي لا يرى الطفل اترابه وهم في ملابس جديدة وهو بثيابه الرثة التي تمزقت من كل جانب وكأنها افواه فاغرة تشكوا الى الله ظلم الكبار الذين يلعبون بالنار فتحرق بسببها ايدي الأطفال ولا ذنب لهم سوى انهم ساكني هذا الكوكب الذي تعود اهلوه اللعب بمشاعر الاطفال.
أنا لا أريد أن استرسل في هذا الحديث المحزن في العيد والعيد فرحة ولكن دُفِعتُ دفعاً لكي اذكر بعض مآسي أطفال وأمهات لم يذقن طعم العيد وفرحة العيد ترى كيف يكون قلب الام التي ترى ابنها أمامها وكل الأطفال يلبسون الجديد وأبنها لا جديد لديه نفس الملابس التي كانت شهادة على دراما العيد الفائت نفس الحزن والذي يتجدد مع كل عام لأن عائل هذه الأسرة خرج ولم يعد.
فلنطوي صفحة الأحزان هذه فلنذكر هؤلاء اليتامى بدعوة .
ولنتذكر أن اليوم عيد ونحمد الله أن بلغنا وأعطانا جائزة الصيام وهي ( فرحة العيد )لنقول سويا في سرور وحبور (العيد فرحة) .
إبراهيم يحيى أبوليلى
مقالات سابقة للكاتب