موضوع العزوف وانفصال الشباب عن المجتمع قضية تُؤرق كل أب ويعاني منها المجتمع بأكمله ولا يكاد بيت يخلو فيه شاب من هذه المعضلة. والأمر ليس بالسهل والموضوع ليس ظاهرة فقط بل أصبح معاناةً حقيقيةً يشترك فيها الأبناء مع الآباء . ويقف الفكر في كثير من الأحيان حائرًا دون أن يجد حلا أو ٳجابة لمثل هذا الوضع. أبناء مفصولين تمامًا عن الآباء ووصل الأمر إلى حد الغربة التي باتت شبحًا تهيمن على المنزل وتفرض قبضتها على كثير من المنازل .
الأب يحاول جاهدًا أن يكون قريبًا من ابنه والابن يحاول هو الآخر أن يرضي والده ولكن بلا فائدة فتنقطع عرى العلاقة الحميمة بينهما وأقصد هنا العلاقة التجانسية التي تتعلق بالتقارب الفكري والمعرفي الذي يحقق الموافقة الاجتماعية ويعزز المبادئ والقيم ويوثق التقاليد الٲصيلة.
وهذا الوضع انسحب تأثيره على المجتمع بكل أطيافه في بناء جسور علاقاته الإجتماعية. فالأبناء أصبح لهم عالمهم الجديد وعزفوا عن كل ما يخص المجتمع القديم الذي عليه الآباء و الأجداد. وأصبح القليل منهم من يساير وربما يجامل من أجل أن يرضي والده أو أحداً ما. وأصبح لا يلبي كثير منهم مناسبات ولا عزائم ولا يشهد بعضهم عيدًا ولا عرسًا .
ناهيك عن حضور دورات أو تدريب أو ندوة أو لقاء أو فعالية وكأن ما تبذله الجهات الخيرية والأهلية و الاجتماعية من برامج هي مما يقام عليه مأتم ٳذ لا يحضر له ٳلا كبار السن أو المتقاعدون والعاملون على هذه البرامج أو صغار السن ممن رغبوا بالهدايا والجوائز وخلافه .
القضية من يتحملها اليوم الابن الذي وجد نفسه في هذا العصر الذي انشغل فيه والده عن المنزل وواجباته وأصبح هو كذلك ممن يقضي معظم وقته خارج المنزل أو الأم التي أن لم تكن تعمل فهي قد اشغلت نفسها في أمر ما .
أما الابن فهو القضية وهو المسؤول الأول والأخير. وهو من تُرمى حوله الاتهامات شاء أم أبى. ولا يعذر بل يقع عليه لوم المجتمع .وكثير ما تسمع (شباب اليوم ليس هم شباب الأمس ). (شباب اليوم لا هم لديهم وليس ببالهم طموح ولا نظرة للمستقبل وليسوا على قدر تحمل المسؤولية) للأسف هذه هي النظرة السوداوية السائدة.
الأمر يجعل العقل في حيرة وجدل وتبادل في الأفكار والرؤى. ولعل مايُطرح الآن بالصحيفة في مائدة الحوار من نقاش نصل عن طريقه إلى رؤية واضحة حيال عزوف شبابنا عن مناسبات مجتمعنا.