يمضي الزمن وتتسارع الأعوام في الهروب إلى الأمام فتنقضي عاما بعد عام.
ويظل الإنسان هو الانسان بعقليته وثقافته ومعتقداته. يجاهد ويجادل ويكابد ويقارع الحجة بالحجة ، حسب ماتسوق إليه قناعاته وأفكاره من توجهات نحو الصواب ونحو النجاح ، ونحو إثبات الذات.
متوهماً أنه الوحيد الذي يتربع على زعامة الرأي والفكر والمعرفة ، وانه الوحيد الذي بلغ الرشد من أمره.
وأن الذين يوافقونه تلك المفاهيم والاوهام هم شركاء فكرٍ ورفقاء درب ، فتجدهم معززين مكرمين في الخاطر ، ومقربين جدا من القلب والوجدان.
اما أولئك الذين يخالفونه الرأي والرؤيا فلاشك أنه يرى بأنهم زنادقة وأنهم ليسوا على حقٍ ويقين ، وأنهم ليسوا على بصائر من ربهم وهدى.
— هنا تتلاطم أمواج الأفكار والرؤى بين الفريقين فيحاول كل طرفٍ إثبات رأيه مستخدما زخرف القول من البديع شعرا ونثرا ، مستشهدا ومستدلا بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، من أجل استعطاف رفقائه وانتزاع قناعاتهم.
وبالتالي تمرير أفكاره ومقترحاته بغالبية آراء القوم وميولهم العاطفية.
— وتظل نتائج وإفرازات تلك الصراعات الفكرية خاصة في المجتمعات البدائية كارثية على المجتمع وابنائيه ومخيبة لتطلعاتهم وآمالهم. فهى ترسم لمستقبلهم
طريقا مليئاً بالعثرات ، وليلاً لا أمل في إصباحه.
وبذلك تظل الأحلام والآمال سرابا.. ويظل الضياء غائبا حتى وان كانوا في رابعة النهار.
سعيد عناية الله الصحفي
مقالات سابقة للكاتب