كثير من الناس يتساءل لما أصبحنا وأمسينا لا نخشع في صلاتنا، ولما أضحت صلاتنا لا تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأنا هنا لا أعمم بل أتحدث عن الأكثرية ويعلم الله أنني منهم وحين أدخل الى المسجد ويقف الأمام قبل أن يكبر يقول استووا عباد الله لا تتركوا فرجًا للشيطان ضعوا القدم بالقدم والمنكب بالمنكب ثم يكبر وقد الزمنا الحجة لقوله ذلك وللأسف الشديد كثير منا لا يمتثل لأمر الامام وأمره هو من أمر الله لأنه جاء على لسان نبيه ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى ، فذا بنا نرى الأقدام متباعدة والمناكب متخالفة وفي بعض الأحيان نجد بين قدم الشخص والآخر مقدار شبر وهذا الأمر حقيقة أصبح يقلقني كثيراً ويقلق كل أحد يعلم أهمية الاستواء في الصفوف بل يتعدى من مرحلة القلق إلى مرحلة الخوف حين نسمع قول الرسول ﷺ ( عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما , قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ .
وَلِمُسْلِمٍ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ , حَتَّى إذَا رَأَى أَنْ قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ , ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ , حَتَّى إذَا كَادَ أَنْ يُكَبِّرَ , فَرَأَى رَجُلاً بَادِياً صَدْرُهُ , فَقَالَ : عِبَادَ اللَّهِ , لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) اذاً نحن نرى القلوب متنافرة مختلة نقف بجانب بعضنا في الصلاة وما أن ننفلت من صلاتنا حتى ترى مدى البعد بين بعضنا.
وقد يكون عدم الامتثال لأمر الأمام في شأن تقويم الصفوف هو الجهل بما يترتب عليه اختلاف وتباعد الأقدام والمناكب وقد يعود كذلك للاستعلاء والاشمئزاز من الصاق القدم بالقدم فالبعض يدخل الى المسجد وفي ظنه أن قدره ومكانته في المجتمع تظل معه حتى في المسجد ويرى نفسه أنه أعلى شأناً من أخيه الذي يقف بجانبه وهذا من وسواس الشيطان وتلاعبه بالناس فيجب أن يترك الإنسان قدره ومكانته والدنيا كلها و كل امتيازاته حين يخلع نعاله عند باب المسجد ويدخل متجردًا من كل المظاهر الدنيوية لأنه سيقول حين يدخل في صلاته ( الله اكبر).
وعلى المرء أن يدرك عظم هذه الكلمة فالله اكبر من كل شيء إطلاقاً أكبر من أقدارنا ومكانتنا، فتباعد الصفوف ليس بالأمر الهين فهو من الأسباب التي تكون خلف عدم الخشوع، واحتقار الناس، والاشمئزاز هو من أمراض القلوب التي يجب على كل إنسان أن يجاهد نفسه للتخلص منها جهاداً كبيرًا إن أراد أن يتقبل الله منه صلاته والاستواء في الصلاة والصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب هي عبادة لله على علم وعبادة الله على علم خير من عبادته على جهل.
والله أنني لأتألم كثيرًا حين أرى البعض اذا ألصقت قدمك بقدمه يسحب قدمه ولا أدري ما فائدة صلاة من هذا شأنه ولا يجب أن نترك فرجاً للشيطان فيدخل بيننا في صلاتنا ومن ثم يسهل عليه الدخول إلى قلوبنا فيفرقنا عن بعضنا فتنافر ونتباغض ونتحاسد، فالمسلمون إخوة ولا يكفي أن نتكلم عن الأخوة الإيمانية في منتدياتنا ومجالسنا وشبكات التواصل فإذا جئنا إلى مرحلة التطبيق العملي وجدنا هذه الإخوة صفراً فعلى أئمة المساجد أن يشددوا في هذا الأمر فإنه من أهم الأمور فقد كان رسول الله ﷺ وهو الحريص على الأمة والأمين عليها لا يكبر تكبيرة الإحرام حتى يسوي الصفوف تسوية تامة ثم يشرع في التكبير وهذا من حرصه ﷺ فعلينا الاقتداء به لننجوا فقد قال الله تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) فأسال الله العظيم أن يردنا إليه رداّ جميلا وان يغفر لنا خطايانا وزلاتنا .
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب