غالباً ما تكون عبارات الشكر والعرفان عصيةً على الصياغة إذا ما أردنا بها مخاطبة من غمر قلوبنا محبة بجزالة عطائه ودماثة أخلاقه..
ولعل في الإحساس الدائم بأن لغة الضاد تقصر في التعبير عن مكنون ما تختلجه صدورنا من ودٍ وتقدير علاقة بمعضلة الصياغة.
اليوم نجد أنفسنا أمام هذه العقبة الكأداء ونحن نحاول حياكة سطور مقالة الإمتنان والشكر والعرفان للدكتور حميد الشهري، طبيب المركز الصحي بمدينة غران، الذي يمم وجهه شطر العاصمة الرياض، ليكمل دراسته والدعوات تلاحقه بالتوفيق والسداد والعون والرشاد.
ما أن تقرر مغادرة الدكتور حميد الشهري للمركز الصحي بمدينة غران حتى بعث برسالة مؤثرة جداً شملت شكراً وإعتذاراً ووداعاً لم يستثنِ أحداً فيها، وكأني بلسان حاله قائلاً وهو يخطها بأنامله:
رعى الله من ودعت والوجد قابض
عنان لساني والمدامع تنطق
الدكتور حميد الشهري هو الطبيب الذي أعاد نبض الحياة للمركز الصحي بعد أن لفظ ، أو كاد أن يلفظ، أنفاسه من قلة المراجعين، وما كان ذاك منه إلا بتوفيق من عند الله ثم بإخلاصٍ مهني وسلوكٍ أخلاقي عز نظيره، لذا كان لوقع خبر مغادرته بالغ الأثر على نفوس الأهالي، وما التعليقات على رسالته بصحيفتنا الغراء إلا غيض من فيض المشاعر الطيبة تجاه هذا الطبيب الفذ.
أمضى طبيبنا الموقر عامين في المركز الصحي، شغلها بالتفاني في العمل، حتى أضحت المجالس تضج بطيب ذكراه. وقد أثبتت أخباره وقصصه مع مراجعيه بألمع برهان أنه جامع لأشتات الفضائل، وحاوي لمحاسن الشمائل، حقاً جَسَّدَ قول الشاعر:
والمرءُ بالأخلاقِ يسمو ذكْرهُ
وبها يُفضلُ في الورى ويوقرُ
عُرف عن الدكتور حميد الشهري بشاشة الوجه عند لقاء مرضاه، ولين القول عند خطابهم، لا يستنكف عن القيام بأي دور داخل أروقة المركز الصحي، غايته في ذلك خدمة المراجعين، فتارة تجده ذاك الإداري المُيسر للإجراءات، وتارة أخرى تشاهده الممرض المضمد للجراح، وفي غيرهما يكون الصيدلاني الذي يصرف العلاج.
لم يكن الدكتور حميد الشهري فريداً بخلقه فحسب، بل كان متميزاً في مهنته، فهو الطبيب الحاذق الماهر بصنعته، وكلٌ منا عالقةٌ في ذاكرته قصة أو تجربة شخصية مع هذا الطبيب الإستثنائي في كل شيء.
وعلى الرغم من مقدار حزننا على فراقك أيها الطبيب الأريب بيد أن سعادتنا كانت عظيمة بتحقيق مرادك في إكمال مسيرتك العلمية، وستبقى مكانتك الرفيعة كما هي في قلوب محبيك من أهالي مدينة غران وما جاورها، وستظل ألسنتنا تلهج لك بالدعاء بأن يكلل الله رحلتك العلمية بنجاح وتفوق.
ماذا عساي أن أقول في ختام مقالتي من جُمَلٍ وعبارات أستدرك بها تقصيري في إيفاء حقك وشكرك أيها الطبيب الإستثنائي، ولكن سأستعير أبيات المهلبي وأتمثل بها قائلاً:
لو كنت اعرف فوق الشكر منزلة
أوفى من الشكر عند الله في الثمن
أخلصتها لك من قلبي مهذبةً
حذواً على مثل ما أوليت من حسن
سامح عبدالرحيم الصحفي
مقالات سابقة للكاتب